لا زلت أشعر بالدهشة الى حد هذه اللحظة من إطلاق برنامج المحادثة “شات جي بي تي” (ChatGPT) ولا يسعني الانتظار أكثر لمعرفة المزيد من التفاصيل عنه، والتي أود مشاركتها معكم في هذه المقالة.
شات جي بي تي هو “روبوت محادثة” يعتمد على تقنية الذكاء الاصطناعي ويجمع بين معالجة اللغة الطبيعية وخوارزميات التعلم العميق المصممة للاستخدام في خدمة العملاء أو بيئات خدمة الأشخاص، ولديه قدرة هائلة على التنبؤ بالكلمات التالية في الجملة التي يريد المتحدث إدخالها، بالإضافة إلى العديد من الميزات الأخرى التي تعمل على بناء تحليل كبير لكميات من نصوص الإنترنت.
بعبارة أبسط، يمكنك أن تطرح عليه سؤالاً أو أن تطلب منه كتابة مقال أو قصيدة أو أي عدد من مهام الكتابة، وسوف يفعل ذلك بشكلٍ لا يصدق. إنه يفهم لغة الإنسان الطبيعية ويجهز ردوداً نصية مفصلة بشكل مثير للإعجاب.
لقد نجح التطبيق في الحصول على ماجستير إدارة الأعمال من “جامعة وارتون”، وبات محظوراً بالفعل في مدارس نيويورك. فمثل هذه الأشياء قادرة على تغيير العالم بأسره.
يرمز GPT في تطبيق ChatGPT إلى “المحول التوليدي المدرب مسبقاً لإجراء محادثة”.
أعتقد أنها عبارة معقدة بعض الشيء، لكننا نحتاج إلى فهمها إذا أردنا مواكبة الوتيرة المذهلة لتطوير تطبيق “شات جي بي تي” منذ إطلاقه في شهر نوفمبر الماضي.
تعني كلمة “توليدي” (Generative) أن منصة الذكاء الاصطناعي هذه تبني استجاباتها من خلال إطار التعلم الخاص بها، أي بعبارة أخرى، تم تدريبها على الاستجابة بعد التفكير أو البحث من خلال مصادر المعلومات الخاصة بها.
إنه تطبيق مُدرَّب مسبقاً، بمعنى أنه تمت تغذيته بمجموعة بيانات نصية كبيرة تم إنشاؤها بواسطة الإنسان وتضم مليارات الكلمات والعبارات، مما يساعده على توفير استجابة شبيهة بالإنسان بشكل مذهل عند تزويدها بموجه أو سياق معين.
أما بالنسبة لـ “المحول” (Transformer) لا تقلقوا أبداً، فهذه الكلمة لا تعني بأن هذا التطبيق سيتحول إلى شخصية روبوت عملاق، إذ تتعلق هذه الكلمة بهندسة المحولات، وهي نوع من الشبكات العصبية المستخدمة لمعالجة البيانات المتسلسلة مثل النص.
في دبي، تعتقد الحكومة التي عودتنا دوماً أن تكون سبّاقة في تبني أحدث التقنيات، بأن تقنية الدردشة هذه ستساعد المواطنين على الوصول إلى الخدمات الحكومية بسرعة وكفاءة أكبر.
وبما أن حكومة دبي ملتزمة بالنهوض بالاقتصاد من خلال تبني تقنية الذكاء الاصطناعي، فإنني أعتقد اعتقاداً راسخاً أن تطبيق “شات جي بي تي” سيكون جزءاً لا يتجزأ من هذا الالتزام والجهود المبذولة.
في الواقع، أصبحت هيئة كهرباء ومياه دبي (ديوا) مؤخراً أول مزود خدمات في العالم يعتمد أدوات قائمة على تطبيق “شات جي بي تي” لدعم العملاء والموظفين والخدمات، لكن التفاصيل لا تزال غامضة بعض الشيء.
وعلى الرغم من المخاوف العالمية بشأن الغش وتجنب الواجبات المنزلية، إلا أن هناك مكاناً لأدوات المحادثة القائمة على الذكاء الاصطناعي في قطاع التعليم، وهنالك بعض الاقتراحات التي تشجع التلاميذ والمعلمين على تبني الأداة بدلاً من حظرها.
وربما يكون الأمر الأكثر إثارة هو الأخبار الأخيرة التي تفيد بأن وزارة التربية والتعليم الإماراتية قد أعلنت مؤخراً عن خططها للسماح باستخدامها في التدريس.
وقد ألقى أحمد بلهول الفلاسي، وزير التربية والتعليم في دولة الإمارات العربية المتحدة، خطابًا مؤلفًا بالكامل باستخدام تطبيق شات جي بي تي خلال القمة العالمية للحكومات 2023، حيث قال للمندوبين: “لا تشيطنوا تقنية الذكاء الاصطناعي لأنه سيكون جزءاً أساسياً من حياتنا مستقبلاً، ولهذا أصريت على استخدام هذه التقنية لإثبات قدرتها على إلقاء خطاب جيد ينال إعجاب جميع الحضور”.
وأضاف الفلاسي في حديثه قائلاً: أن حكومة الإمارات العربية المتحدة هي واحدة من الحكومات القليلة التي تتبنى تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل كامل، موضحاً كيف استخدمت وزارة التعليم الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بنتائج الطلاب وتبسيط العمليات.
وأردف الفلاسي قائلاً:” نحن الآن نُدفع إلى الحد الأقصى كمعلمين لتحسين أنظمة التقييم لدينا، حيث لم يجعل استخدام الآلة الحاسبة في مادة الرياضيات كطريقة قديمة ومتخلفة عن الركب، كما أن الآلة الحاسبة العلمية لم تجعل حساب التفاضل والتكامل شيء عفا عليه الزمن أبدًا، لذا يجب أن نلتزم كمعلمين في تحسين وتطوير أنظمة التقييم لدينا”.
تتضمن استراتيجية دبي للذكاء الاصطناعي أيضاً عدة مبادرات مثل: رقمنة الخدمات الحالية وإدخال تقنيات جديدة في قطاع الخدمات العامة، حيث تعتقد حكومة دبي أن تطبيق “شات جي بي تي” سيساعدهم بشكل كبير في تسريع هذه العملية من خلال توفير خدمة استجابة أسرع وأكثر كفاءة للعملاء.
من جهة أخرى، فقد طلب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، مؤخراً، إجراء دراسة شاملة حول كيفية استفادة الجهات الحكومية بأقصى حد من تطبيق “شات جي بي تي” بكل أمان.
سواء أكنت تثق في تطبيقات الذكاء الاصطناعي المستقبلية مثل تطبيق “شات جي بي تي” أم لا، فيبدو أن رد الفعل العالمي بات يركز الآن على الإمكانات الخارقة التي يمتلكها الذكاء الاصطناعي بدلاً من الخوف منها وعدم الثقة بها.
شخصياً، سأقوم بتبني تطبيق “شات جي بي تي” وأواكب تطور هذه التطبيق عن كثب، ولربما تمت كتابة هذه المدونة باستخدام تطبيق شات جي بي تي. هل يمكنكم أن تعرفوا إذا ما كان ذلك صحيحاً ام لا؟ (ملاحظة، لم تُكتب هذه المدونة باستخدام هذا التطبيق، ولكن مستقبلاً، ربما).