سيارات الأجرة الطائرة.. هل نحن مستعدون لخوض غمار هذه التجربة المثيرة؟

تبدو سيارات الأجرة الطائرة وكأنها شيء من الرسوم الكاريكاتورية المستقبلية التي عشناها في طفولتنا، لكنها اليوم .تقترب من أن تصبح حقيقة واقعية مألوفة

يعمل كلاً من تطبيق أوبر وشركة بوينج المصنعة للطائرات على تطوير سيارات الأجرة الطائرة من نوع eVTOL (التي تعمل بنظام الإقلاع والهبوط العمودي)، حيث تشير تقارير المحللين الصادرة عن شركة “فروست آند سوليفان” إلى أنه سيكون هناك 430 ألف تاكسي طائرة على مستوى العالم خلال العقدين المقبلين، ووفقاً لدراسة أجرتها مؤسسة “مورجان ستانلي” فقد تصل قيمة سوق السيارات الحضارية الطائرة إلى 1.5 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2040.

لكن سؤالي هو، هل الركاب جاهزون لركوب التاكسي الطائرة؟ من وجهة نظري الشخصية، فإن هناك العديد من العقبات التي قد تواجهنا قبل أن تصبح سيارات الأجرة الطائرة في الجو مشهداً مألوفاً.

وسأستعرض معكم فيما يلي بعضاً من أبرز تلك العقبات:

ارتفاع التكلفة

كم ستبلغ تكلفة الرحلة الواحدة على متن إحدى هذه السيارت الطائرة؟ هل سيكون الناس على استعداد لدفع التكلفة الحقيقية، وكيف يمكن مقارنة الرسوم الأولية بتكاليف النقل البري؟ بحسب مجلة “فلاينج” فإن تصنيع سيارات الأجرة الطائرة باهظ التكلفة، حيث تتراوح الأسعار المقدرة للسيارة الواحدة ما بين مليون دولار إلى 3 ملايين دولار أمريكي.

ربما يحتاج الناس إلى زيارة محطة خاصة لركوب “التاكسي الطائرة”، مما يشير إلى أن هناك حاجة ضرورية لوجود شبكة مواصلات مشابهة لشبكة المترو أو نظام السكك الحديدية الوطنية، لكن على الرغم من ذلك، فقد صرحت هيئة الطرق والمواصلات في دبي بأنها ترى أسعار سيارات الأجرة الطائرة قريبة جداً من أسعار خدمة سيارات الليموزين.

ويبذل مطورو طائرات eVTOL جهوداً كبيرة لتطوير المركبة والبنية التحتية وبرامج المستخدم النهائي في آنٍ معاً.

وفي الوقت ذاته، تم الإعلان مؤخراً على أنه سيتم توفير ما يصل إلى 35 طائرة من طراز eVTOL في فندق أتلانتس، نخلة جميرا في دبي بدءاً من عام 2026، مما يتيح للضيوف والنزلاء الاستمتاع برحلات سياحية قصيرة من الفندق الشهير، وقد تدعم هذه العملية الصغيرة القطاع بشكل جيد وتثير المزيد من الاهتمام حولها.

المصداقية

كم من الوقت سيستغرق قبل أن يتم اختبار الموجة الجديدة من سيارات الأجرة الطائرة إلى أقصى المستويات التي يمكننا الوثوق بها تماماً؟ إذا قارنا إحصائيات رحلات الطيران التجارية، فيمكن القول إنها ستكون أكثر أماناً من السفر بالسيارة التقليدية!

ولكن، مثل أي شيء جديد، سيخشى البعض خوض هذه التجربة بشكلٍ مباشر، وباعتباره قطاعاً ناشئاً فإن اللوائح التنظيمية ستستغرق بعض الوقت لمواكبة وتيرة التطور. إنه لأمر رائع أن نرى دبي تتصدر بالفعل القواعد واللوائح وإدارة المجال الجوي، والتي ستقطع شوطًا طويلاً لتنظيم القطاع وتهدئة مخاوف الركاب وتقديم خدمة موثوقة وآمنة.

الاستقلالية

إن اعتماد السفر الجوي بالمركبات على مستوى المدينة كجزء من روتيننا اليومي سيكون قفزة نوعية كبيرة بحد ذاته، ولكن دعونا نربط ذلك باحتمالية وجود مركبات بدون طيار، وما إذا كان الأشخاص مستعدين حقًا لوضع ثقتهم في طائرات صغيرة بدون طيار؟

الإجابة المختصرة هي “نعم”، حيث سيتم التعامل مع هذه المخاطر بطريقة صحيحة.  

وبرأيي الشخصي تتمتع دبي بموقع مثالي لإقناع ركاب سيارات الأجرة بركوب التاكسي الطائرة، إذ تستمر كلاً من إمارة دبي بشكل خاص ودولة الإمارات بشكل عام في العمل على الأتمتة الذكية مع رسم خرائط متطورة للشوارع قيد التنفيذ وسيارات الأجرة بدون سائق لتصل إلى الطرق المحلية العام المقبل.

علاوةً على ذلك، لا يبدو الأمر غريباً على سكان دولة الإمارات، حيث أن تكنولوجيا المركبات بدون سائق مطبقة بالفعل في مترو دبي.  

على الرغم من أنني متأكد من أن سيارات الأجرة الطائرة ستضم طيارين في البداية ولو بصفة إشرافية فقط، لكني أشك بأن الأمر سيستغرق وقتًا طويلاً حتى يعتاد الركاب على الطيران المستقل، ثم يتم تحديد أهداف السلامة في لوائح التاكسي الطائرة الناشئة في دبي، مثل تلك المستخدمة في الطيران التجاري، كما أن هناك قواعد صارمة لأولئك الذين يتحكمون في الطائرات بدون طيار لضمان الإدارة الجيدة للمجال الجوي.

يضع مشروع “سكاي دوم” الترفيهي في دبي المدعوم بالقوانين الصادرة عام 2020، إرشادات الترخيص والتفتيش والتصاريح والهبوط والإقلاع، كما يتبنى خطة رئيسية لبنية تحتية جديدة بالكامل مخصصة للطائرات بدون طيار ومركبات eVTOL.

الأمان

من الطبيعي أن تكون السلامة أيضاً أولوية على المدى الطويل، فكيف نثق في أن النقل الجوي لدينا آمن؟ ماذا عن المستخدمين الآخرين؟ هل سيتعين علينا تعلم مجموعة جديدة من القواعد المتعلقة بالنقل الجوي الآمن جنبًا إلى جنب مع قواعد الطريق؟ سوف تتطلب الإجابة عن هذه الأسئلة المزيد من البحث والوقت والجهد، لكن مبدأ السلامة والأمان موجود دوماً ضمن القواعد واللوائح الناشئة في دبي فيما يتعلق بالقطاع، حيث يعد قانون 2020 بإجراء عمليات تفتيش منتظمة للطائرات وينص على تحديد مواقع الهبوط الاضطراري في جميع أنحاء المدينة.

يتوافق نظام درع دبي مع مفهوم دبي سكاي دوم، وهو نظام مصمم خصيصاً للتغلب على مخاطر السلامة والأمن التي يواجهها نشاط الطائرات بدون طيار في المجال الجوي، حيث تتركز مهمة نظام درع دبي على اكتشاف وتعقب الطائرات بدون طيار واتخاذ الإجراءات المضادة اللازمة إذا لزم الأمر بالتعاون مع السلطات الحكومية والأمنية ذات الصلة.

الأنظمة واللوائح المرورية

من الذي سيقوم بتنظيم هذا التدفق الجديد لحركة المرور في الجو؟ كيف سيتم تنظيمها؟ كيف سيتم الحفاظ على حدود السرعة؟ ماذا عن الطيران في مجال جوي خاص أو محظور؟ كما ذكرت أعلاه، فقد قامت الهيئة العامة للطيران المدني بدولة الإمارات العربية المتحدة بتطوير برنامجها الخاص لتطوير تنظيم المركبات الكهربائية الطائرة، وذلك بعد إجراء دراسة تقييمية للوائح الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي.

يجب أن تغطي الأنظمة واللوائح مجموعة واسعة من المواضيع والقضايا ابتداءً من سلامة المركبات وصلاحية الطائرات للطيران ومراقبة حركة المرور إلى التلوث الضوضائي وشهادة المشغل وأمن البرامج.

وفي الوقت الذي تتطور به التكنولوجيا تدريجيًا أعتقد أنه لا يزال أمامنا طريق طويل لنقطعه والكثير لنتعلمه عن هذه الطريقة الجديدة والمثيرة في السفر.

أنا، على سبيل المثال، أتطلع شوقاً كي أستقل سيارة أجرة طائرة من سطح منزلي والاستمتاع بجولة في أرجاء مدينة دبي. ماذا عنكم؟