بينما كنت جالساً لكتابة هذه المدونة، استرعى انتباهي تناقل وسائل الإعلام لخبر تسجيل رقم قياسي جديد على مستوى العقارات الفائقة الفخامة في دبي، وذلك عبر بيع عقار جديد من هذه الفئة، إذ يبدو من الواضح أن قطاع العقارات الفاخرة في دبي يسير بخطى تصاعدية وسريعة، وهذا بالتأكيد يعكس ازدهار سوق العقارات ككل في هذه الإمارة.
في هذا الصدد، أشار تقرير “مؤشر المدن العالمية الرئيسية” الصادر عن شركة الأبحاث العالمية “نايت فرانك” والذي يتتبع أسعار العقارات في 46 سوقاً رئيسياً في العالم، أن دبي حافظت بجدارة على صدارة مؤشر المدن العالمية الرئيسية في بيع العقارات الفاخرة، في الوقت الذي كانت تعاني فيه أسواق العقارات الفاخرة الأخرى من آثار الارتفاع الحاد في أسعار الفائدة، بالتزامن مع انتشار تقارير تشير إلى حدوث تراجع مستمر في الأسواق العقارية الفاخرة.
وقد سلطت آخر وأحدث الأرقام الصادرة عن هذا المؤشر، الضوء على التحول الاستثنائي لسوق العقارات في دبي، حيث سجلت نايت فرانك نمواً سنوياً هائلاً لأسعار العقارات بنسبة 44% في دبي. وفي حين أن ثلثي الأسواق لا تزال تشهد نمواً إيجابياً وفقاً لأرقام المؤشر للربع الأخير، فإن الانخفاضات الحادة في الأسعار في الأسواق العالمية التي سجلت أداءً ضعيفاً، جعلت المؤشر العام سلبياً للمرة الأولى منذ الأزمة المالية العالمية.
هذا ويعتبر النمو السنوي لدبي بنسبة 44% أمراً استثنائياً، بينما كان المركز الثاني من نصيب ميامي باعتبارها المدينة الأخرى الوحيدة التي حققت نمواً ملحوظاً بنسبة 11%، ثم تأتي بعدها زيورخ التي احتلت المركز الثالث بنسبة (9.4%)، وبرلين التي احتلت المركز الرابع بنسبة (5.7%)، وسنغافورة التي احتلت المركز الخامس بنسبة (5.5%)، حيث كشفت آخر الأرقام الصادرة عن نايت فرانك أن دبي قد شهدت 219 عملية بيع من العقارات التي تبلغ قيمتها 10 ملايين دولار أمريكي أو أكثر العام الماضي.
وفي الوقت الذي تشهد فيه الأسواق العالمية عموماً انخفاضاً في الأسعار وتراجعاً في المبيعات، فإن سوق العقارات الفاخرة دائماً ما تكون أكثر نمواً من متوسط مبيعات العقارات، إذ لا يوجد تراجع في أعداد المستثمرين والأثرياء الباحثين عن شراء العقارات بهدف السكن الدائم والإقامة، وفي ظل ارتفاع أسعار الفائدة بشكلٍ متواصل، فإن توفر السيولة النقدية هو العامل الأبرز في نمو السوق، حيث لا يعتمد المستثمرون الأثرياء على التمويل للاستثمار في العقارات، وإنما يتجهون إلى الشراء المباشر مع تسديد قيمة العقار كاملاً.
وقد ظل قطاع العقارات الفاخرة صامداً في مواجهة تقلبات السوق، حيث تعود أسباب نمو وازدهار قطاع العقارات الفاخرة في دبي إلى عدة عوامل أبرزها: تجمّع أثرياء العالم فيها، ونظامها الضريبي الملائم، وسهولة الحصول على تأشيرة إقامة، وارتفاع قيمة العقارات مقارنةً بالأسواق الأخرى.
وحسب الدراسات التي أجراها نخبة من أبرز المحللين العالميين، تعد دبي الآن من أكثر أسواق العقارات الفاخرة نمواً في العالم، بعد نيويورك ولوس أنجلوس ولندن، حيث باتت الآن قاعدة لتجمع أثرياء العالم فيها، بسبب سمعتها كملاذ آمن وسط كل العوامل الجيوسياسية والاقتصادية التي نشهدها في أماكن أخرى من العالم.
كما شهدنا بالطبع هجرة جماعية لرؤوس الأموال من بلدان رابطة الدول المستقلة، حيث يحرص المشترون على نقل ثرواتهم من البيئات غير المستقرة إلى اقتصادات قوية ومستقرة مثل دبي، والتي تفخر دوماً باستقبالها وترحيبها بمختلف الجنسيات.
ولاستقطاب المزيد من الأثرياء وأصحاب التخصصات العلمية العالية ورجال الأعمال والسياح، تواصل حكومة توفير التسهيلات لهم عبر تطوير القوانين والأنظمة المرتبطة بالإقامات الدائمة في الدولة.
من ناحيةٍ أخرى، ساهم النمو الملحوظ في العقارات السكنية ذات العلامات التجارية في ارتباط دبي بأساليب الحياة الفاخرة، إذ يوجد الآن أكثر من 50 مشروعاً عقارياً سكنياً ذو علامة تجارية في دبي جاهز للتسليم في غضون عامين إلى ثلاثة أعوام كحد أقصى.
توفر فئة العقارات التي تحمل علامة تجارية في دبي مستوى جديد من الرفاهية والخصوصية للمشترين مقارنة بالأسواق الأخرى. في الآونة الأخيرة، لفت انتباهي وجود المزيد من المرافق الترفيهية والفاخرة وأسلوب حياة الفنادق والمنتجعات التي تحمل تصاميم عصرية وتوفر للسكان كافة مقومات حياة الرفاهية.
إن الاهتمام المستمر والمتزايد بالعقارات الفاخرة هنا في دبي هو أمر رائع للغاية، حيث يجلب مشترو العقارات الفاخرة معهم رؤوس أموالهم وتجاربهم وأعمالهم، والتي تعزز من النمو الاقتصادي في الدولة، وتخلق الفرص والوظائف، وتحسن البيئة الاستثمارية.
وبالطبع فإن سوق العقارات الفاخرة في دبي ليس بمنأى عن تقلبات العرض والطلب والعوامل الخارجية المؤثرة مث الظروف الاقتصادية العالمية، والأحداث الجيوسياسية، والتغيرات في معنويات المستثمرين التي من الممكن أن تؤثر على ديناميكيات السوق، ولكن في الوقت الحالي، يبدو أن المدينة هي المكان المناسب والمثالي لمستثمري العقارات الفاخرة.
ختاماً أود أن أشير إلى أن دبي أنشأت بيئة استثمارية مثالية ومستقرة، مع توفير كافة تسهيلات الشراء والتملك، وهو ما منحها الأفضلية كي تتفوق على الأسواق العالمية الرئيسية.