استمرار نمو سوق العقارات الفاخرة في دبي إلى مستويات قياسية

شهدت دبي العام الماضي ارتفاع عدد الأفراد من أصحاب الثروات الضخمة الذين ينتقلون للاستقرار والعيش فيها  بنسبة 18%، مما يعزز من مكانتها في الشرق الأوسط والعالم في استقطاب المستثمرين ورجال الأعمال وذوي الملاءة المالية العالية.

في ضوء ذلك، يتساءل البعض عن الأسباب التي تدفع هؤلاء الأثرياء للاستقرار هنا في دبي؟ ويأتي الجواب بأن دبي توفر كافة مقومات الرفاهية والأمن والأمان والاستقرار، أو على الأقل، عقار بمزايا وخصائص جيدة للاستثمار فيه، وفي كلتا الحالتين، يدفع الأثرياء طلباً أعلى على العقارات الفاخرة في سوق لا يستطيع مواكبة الطلب حالياً، حسب رأيي.

وهذا ليس بالضرورة أمراً سلياً، لذا أعتقد أن الرفاهية تستحق الانتظار، أليس كذلك؟

يؤدي انخفاض المعروض من العقارات السكنية إلى زيادة الأسعار، لذا فمن الجيد الاستثمار في السوق التي ترتفع فيها أسعار العقارات، حيث يشجع ارتفاع أسعار المساكن، بشكلٍ عام، إنفاق المستهلكين ويدفع عجلة النمو الاقتصادي.

تشير آخر الاحصائيات الصادرة عن شركة نايت فرانك العالمية المتخصصة في أبحاث السوق العقارية، إلى أن أسعار العقارات السكنية الفاخرة في جميع أنحاء دبي ارتفعت بنسبة 89% بين عامي 2021-2022، وشهد الربع الثالث من عام 2022 وحده، ارتفاعاً بنسبة 29%.

علاوةً على ذلك، تقول شركة الاستشارات العقارية العالمية أن هذا الرقم يعكس العدد الكبير من الأثرياء الذين يتطلعون إلى شراء منازل ثانية في إمارة دبي، حيث يمثل هذا الاتجاه الجديد تغييراً جذرياً في سوق العقارات المحلي، إذ شهدت الدورتان السابقتان للسوق في الإمارة قيام المشترين في الغالب بشراء العقارات لغرض التأجير أو البيع.

خلال الأشهر الـ 18 الماضية، لاحظت وجود طلب كبير على العقارات، لا سيّما فئة العقارات الفاخرة والفائقة الفخامة، التي شهدت ارتفاعاً في الأسعار وصل في بعض المناطق مثل نخلة جميرا إلى 100%، هذه المنطقة التي شهدت أيضاً بيع “قصر” بسعر قياسي وصل لـ 82 مليون دولار أمريكي.

وفي الوقت ذاته، سجلت العقارات الفائقة الفخامة التي تتجاوز قيمتها 10 ملايين دولار أمريكي ارتفاعًا كبيراً في الأسعار أيضاً، وبحلول شهر أغسطس 2022 تم تسجيل 152عملية بيع في هذه الفئة من العقارات متجاوزة الرقم القياسي السابق المسجل في عام 2021 البالغ 93 عملية بيع.

في ظل هذا النمو الهائل على العقارات في دبي، تخضع أسواق العقارات الرئيسية في العالم للتقلبات الاقتصادية والجيوسياسية، بالإضافة إلى نقص المعروض من العقارات الفاخرة القادمة إلى السوق، وهو ما دفع الكثير من المستثمرين الدوليين إلى التوجه إلى سوق دبي. 

ومع ذلك، يشير تقرير صدر مؤخراً عن “فوربس جلوبال بروبرتيز” إلى أن الأثرياء على مستوى العالم يتطلعون عادةً إلى ما هو أبعد من مشاكل السوق على المدى القريب، ويعملون على مراجعة ودراسة استثماراتهم العقارية باعتبارها استثماراً آمناً لتأمين ثرواتهم.

وبصرف النظر عن ذلك، نرى أن الطلب يفوق العرض، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وحدة المنافسة بين اللاعبين الرئيسيين في السوق، لذا فإننا سنشهد، حسب توقعاتي، تحطيم المزيد من الأرقام القياسية عام 2023.

لقد تحدثت من قبل عن ارتفاع أسعار الشقق السكنية ذات العلامات التجارية، ولكنني علمت مؤخراً أن دبي هي المدينة الرائدة عالميًا في هذا القطاع، مما يتيح للمستثمرين العقاريين الأثرياء فرصة الاختيار من بين نحو 40 مسكناً مختلفاً من العلامات التجارية، مع 30 عقاراً آخر من هذا القبيل قيد التطوير على مدى السنوات القليلة المقبلة، حيث تشهد هذه الفئة من العقارات طلباً هائلاً ونمواً متزايداً، حيث يرغب الناس في الاستمتاع بجميع مزايا المعيشة الفاخرة كتلك التي تقدمها الفنادق والمنتجعات الفاخرة.

أصبح الأشخاص وخاصة الأثرياء مؤخراً أكثر قدرة على التنقل بين الدول والمدن الرئيسية في العالم من ذي قبل، لذا فإن السكن الذي يحمل علامة تجارية يناسب نمط الحياة هذا، مع خيار تأجير عقار دون العيش فيه عن طريق مالك العلامة التجارية.

أفادت شركة بوسطن للاستشارات الإدارية أن الثروة المالية في الإمارات العربية المتحدة تنمو بسرعة ملحوظة، ومن المتوقع أن تتسارع بمعدل نمو سنوي مركب قدره 6.7% من 700 مليار دولار أمريكي في عام 2021 لتصل إلى 1 تريليون دولار أمريكي في عام 2026.

كما تشير الشركة ذاتها إلى أن هذا النمو يجعل الإمارات واحدةً من أسرع الدول نمواً في العالم، مما يضمن تدفق المزيد من الاستثمارات وأصحاب الثروات على حد سواء.

في الواقع، تكشف الأخبار المرتبطة بالسوق والمدعومة بالأرقام والبيانات من قبل شركة نايت فرانك العالمية، بأن دبي تحتل الآن المرتبة الرابعة في العالم من حيث نمو قيمة العقارات السكنية الفاخرة بعد نيويورك ولوس أنجلوس ولندن، حيث شهدت الإمارة بيع 219 منزلًا تقدر قيمة كل واحدٍ منها بأكثر من 10 ملايين دولار أمريكي في عام 2022، بقيمة إجمالية وصلت إلى نحو 3.8 مليار دولار أمريكي.

يبدو لي أن مدينتنا المتنامية تعزز من مكانتها التنافسية مع أبرز المدن الرئيسية في العالم باعتبارها سوقاً سكنياً فاخراً مرغوباً به.

وبالنظر إلى الجاذبية والقيمة التي توفرها عقارات دبي للمشترين الأثرياء، فإن استثمار مليون دولار أمريكي في المناطق السكنية الرئيسية في المدينة يمكّن من شراء وحدة سكنية بمساحة تصل إلى 1,130 قدماً مربعة، أي ما يقرب من خمسة أضعاف مساحة الوحدة السكنية في هونغ كونغ وثلاث مرات أكثر من لندن أو سنغافورة، وهذا يبدو لي بأنه عامل أساسي نجح في جذب الأثرياء إلى دبي، ومن المتوقع أن يتواصل في مستقبلاً.