ما هو عالم الميتافيرس ولماذا أصبح محط اهتمام الجميع؟

حتى ولو لم تكن مهتماً أو متعمقاً بعالم التكنولوجيا، فلا بد أنك سمعت مؤخراً عن “الميتافيرس”.

06/12/2021

حتى ولو لم تكن مهتماً أو متعمقاً بعالم التكنولوجيا، فلا بد أنك سمعت مؤخراً عن “الميتافيرس”.

يُعزى الانتشار المتزايد لهذا المصطلح، في جزءٍ كبيرٍ منه، إلى قيام شركة فيسبوك بتغيير اسمها  مؤخرًا، حيث أوضحت شركة التكنولوجيا العملاقة أن اسمها الجديد “ميتا” يعكس اتجاهها الاستراتيجي الطويل الأمد بعيدًا عن وسائل التواصل الاجتماعي المعتادة، حيث تهدف من خلاله إلى خلق عالم افتراضي متكامل.

ولكن حتى لو لم يُقدم مؤسس فيسبوك مارك زوكربيرغ وشركائه على تغيير اسم الشركة، فإن هذا المصطلح سيبقى حديث الساعة على مدى الأشهر والسنوات القادمة.

يبقى السؤال الأهم الذي يراود الجميع، ما هو عالم الميتافيرس، ولماذا يحظى بهذه الاهتمام؟

مساحات رقمية مختلفة كلياً عن تلك التي نعرفها

من الصعب تعريف ميتافيرس بإيجاز لأنه مصطلح يستخدم لوصف مثل هذه المجموعة المتنوعة من الأنظمة والتقنيات ضمن العالم الافتراضي، حيث يشير بشكل عام إلى البيئات الافتراضية المصممة لتعزيز التفاعل الغامر بين المستخدمين، أي أنه يشكل مساحة افتراضية جماعية مشتركة بين مجموعة من الأشخاص.

دعونا نأخذ تقنية مكالمات الفيديو أو كما تعرف أيضاً باسم “تقنية الاتصال المرئي” كمثال على ذلك، حيث أصبح معظمنا على دراية تامة بهذه التقنية لاسيما أثناء فترة تفشي الجائحة، نظراً لأنها أتاحت للزملاء والأصدقاء والعائلات التواصل وجهًا لوجه، وإن كان ذلك افتراضيًا، في ظل فرض قيود السفر.

الآن، تخيل أنك تعقد اجتماع عبر الإنترنت، ولكن بدلاً من التواصل مع الآخرين عبر كاميرات الويب والميكروفونات، فإنكم ترتدون نظارات الواقع الافتراضي (VR) أو الواقع المعزز (AR)، لذلك يبدو الأمر وكأنكم في نفس الغرفة.

هذا مجرد مثال واحد فقط لما يمكن أن يشمله ميتافيرس، ومن المحتمل أننا سنقضي معظم حياتنا في هذه البيئات الرقمية في السنوات القادمة.

تجربة غير مسبوقة

ربما يراودك الشك عندما تسمع عبارات مثل “وكأنك في نفس الغرفة”، حيث كانت تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز موجودة منذ مدة وأثير حولها الكثير من الكلام، وعلى الرغم من أنها مثيرة للإعجاب، إلا أنها تظل في الأساس تجارب سمعية وبصرية.

قد تمكّنك سماعات الرأس وأدوات التحكم الحالية من التفاعل مع أقرانك بشكلٍ افتراضي، ولكن لا تزال مثل هذه اللقاءات بعيدة كل البعد عن الاجتماعات الحضورية الحية.

في الوقت الحالي، يجب أن أتفق معكم في هذه النقطة، ولكن ربما ليس لوقتٍ طويل.

رأينا جميعاً عندما نشرت ميتا، الشهر الماضي، مقطع فيديو يوضح نموذجًا أوليًا لقفازات اللمس الخاصة بها والتي من شأنها أن تتيح للأشخاص الشعور والتفاعل مع العالم الافتراضي في الفضاء الرقمي، حيث يسهل هذا النموذج الأولي للأجهزة الأحاسيس الجسدية في الوقت الفعلي، مما يعني أنه عند نشره بالاشتراك مع تقنية الواقع الافتراضي، فإنه يمكن للمستخدمين في الواقع الشعور بالمصافحة الافتراضية والضغط والحركة مع الأشخاص الذين يجلسون على الجانب الآخر من الكوكب.

لا تزال تقنية “ميتافيرس” تتبلور ولكنها فكرة طموحة بلا شك. في ظل ذلك، لم يعد من الصعب الآن تصور مستقبل يصبح فيه التمييز بين العوالم الرقمية والعالم الواقعي أمرًا مستحيلاً أو صعب الحدوث.

ما وراء الأمور النظرية

في حين أن المصافحة الدقيقة اللمسية قد لا تزال على بعد بضع سنوات بالنسبة لمعظمنا، إلا أن هذا لا يعني أن ميتافيرس لا يزال أقرب إلى الخيال العلمي، فعلى العكس تماماً، فالناس حالياً يلعبون ويتسوقون، بل ويعملون في هذه الأماكن الآن.

في هذا الجانب، يتم تسهيل العديد من تفاعلات ومعاملات الأشخاص المنغمسين في هذا الواقع عن طريق الرموز غير القابلة للاستبدال، أو ما يطلق عليها اسم NFTs، وهي شهادات رقمية تؤكد ملكية الشخص لأشياء في العالم الافتراضي، وهي مشابهة لشهادات المصادقة التقليدية، ولكن للأصول الرقمية.

هذه الرموز المميزة أيضًا “غير قابلة للاستبدال”، مما يعني أنه لا يمكن ببساطة تبديلها برمز أو رموز معادلة، إذ توفر تقنية التشفير NFTs وسيلة فريدة من نوعها لتتبع ملكية البضائع الرقمية بصورة أكثر موثوقية.

قد يبدو هذا المصطلح تقنيًا بحتاً (وفي الحقيقة هو كذلك)، ولكن هناك عددًا متزايدًا من الاستخدامات العملية لتقنية التشفير NFTs، بما في ذلك ملكية الأصول الرقمية وحماية أعمال الفنانين وحتى الأعمال الرقمية المرتبطة بعناصر من العالم الحقيقي.

دخول العالم الافتراضي بكافة تفاصيله

إذا لم تكن متعصبًا للتكنولوجيا وشغوفاً بها، مثلي، فقد تصاب بالدهشة عندما تعلم أن استخدام تقنية التشفير NFTs داخل عالم الميتافيرس ليس بأي حالٍ من الأحوال نشاطًا هامشيًا، حيث يعمل اللاعبون الرئيسيون على إتاحة الفرصة أمام المستخدمين للتفاعل افتراضياً، من خلال دمج تقنيات الواقع المعزز والتقنيات الرقمية والعناصر المرئية والحسية في الواقع الحقيقي لتعزيز تجربة المستخدم.

على سبيل المثال، انضمت العلامة التجارية للملابس الرياضية “نايكي” مؤخرًا إلى منصة الألعاب الرقمية عبر الإنترنت ريبلوكس لتطوير عالم افتراضي يُعرف باسم “Nikeland”، حيث ستجعل هذه الصفقة المنتجات الرقمية التي تحمل علامة نايكي متاحة لأكثر من 40 مليون مستخدم نشط يوميًا على منصة ريبلوكس.

ستكون Nikeland خدمة مجانية في البداية، ولكن من السهل رؤية إمكانات هذا الفضاء الرقمي لتحقيق إيرادات على المدى الطويل، لا سيما بالنظر إلى أن شركة نايكي قد أطلقت مؤخرًا سبع علامات تجارية “سلع افتراضية” للعلامة التجارية بتقنية التشفير NFTs وألعاب الفيديو.

في الإطار ذاته، أبدت شركة أديداس أيضًا اهتماماً كبيراً في الدخول إلى عالم الميتافيرس، وهو ماظهر جلياً من خلال التبادل الأخير للتغريدات مع The Sandbox، وهو عبارة عن عالم افتراضي قائم على تقنية “بلوك تشين” يسمح للمستخدمين بإنشاء العملات الرقمية وبنائها وشرائها وبيعها على شكل لعبة. وفي الوقت الذي لا تزال فيه التفاصيل غير واضحة المعالم بعض الشيء على الأرض، يبدو من المرجح أن عملاق الملابس الرياضية يتطلع إلى إنشاء مساحته الخاصة من العقارات الرقمية، هذه أخبار مثيرة جداً للاهتمام بالنسبة لي وكذلك للأشخاص الذين يؤمنون بشدة بهذه المساحة، وقد قاموا بالفعل بشراء أرضنا الخاصة داخل هذه اللعبة.

The Monkey Kingdom هي مساحة شيقة أخرى لعشاق العملات والأصول الرقمية غير القابلة للاستبدال .NFT حيث تم طرح المشروع أمام الجمهور في 27 نوفمبر الماضي، وتم بيع جميع “القردة الرقمية” التي تم إنشاؤها بواسطة الخوارزميات والبالغ عددها 2,222 في اليوم ذاته.

قد تلاحظون من تغيير صورة حسابي على إنستغرام (ali_saj)، أنني قمت مؤخراً بشراء “قرد رقمي” خاص بي، ليس فقط لأنني من عشاق الفن فحسب، ولكن أيضاً بسبب هذه الفكرة المثيرة للإعجاب التي تتيح لي الدخول إلى مجتمع افتراضي ينبض بالحياة نشأ حول مفهوم مملكة The Monkey Kingdom.

وتمثل الرابطة الوطنية لكرة السلة الأمريكية (NBA) مثالاً آخر لعلامة تجارية عالمية تشق طريقها إلى عالم الميتافيرس.

ففي شهر أكتوبر الماضي، تم إطلاق منصة “NBA Top Shot”، وهو سوق افتراضي يسمح لعشاق كرة السلة بالاحتفاظ بلحظاتهم المفضلة من هذه اللعبة. تشبه هذه المنصة بطاقات تداول الوسائط المتعددة (أعتقد أن الاعتراض المذهل للكرة الذي قام به لاعب نادي لوس أنجلوس ليكرز الشهير ليبرون جيمس ضد نادي سان أنطونيو سبيرز في المباراة التي جرت في نوفمبر 2019) هي لقطة تتيح لمحبي هذه اللعبة شراءها وبيعها ومبادلتها.

على الرغم من أن عالم NFTs لا يزال ناشئًا وفقًا لبعض المقاييس، إلا أنه يمثل بالفعل فرص مذهلة للأعمال وتحقيق الإيرادات.

على سبيل المثال، يتم بيع أكثر الأصول الرقمية غير القابلة للاستبدال في الدوري الأميركي للمحترفين لكرة السلة بعشرات الآلاف من الدولارات. وحتى هذه الصفقات تتضاءل بالمقارنة مع العملات والأصول الرقمية غير قابلة الاستبدال، حيث تم بيع العمل الفني الرقمي الذي يحمل اسم “Everydays: the First 5000 Days” مقابل 69.3 مليون دولار أمريكي في وقتٍ سابق من هذا العام. مع الإشارة إلى أن الفنان الرقمي بيبلي هو من أنشأ هذا الملف على شكل صورة JPEG.

لماذا يستحوذ ميتافيرس حالياً على اهتمام الجميع؟

يعتبر ميتافيرس مهمًا لأن جميع المؤشرات الحالية تشير إلى أنه سيلعب دورًا رئيسيًا في مجتمعنا المستقبلي.

الآن، بات معظمنا يشعر، نتيجة تفشي الجائحة، بالراحة في التفاعل مع بعضنا البعض افتراضيًا، أو كما يقول المثل القديم، الحاجة هي أم الاختراع.

ولكن حتى إذا استبعدنا عامل تفشي الجائحة باعتباره عاملاً مساعدًا، فإنه مع استثمار مليارات الدولارات في ميتافيرس، فيبدو أنه لا مفر من أن المزيد من تفاعلاتنا ستحدث داخل المساحات الرقمية في المستقبل، وعلاوة على ذلك، فمن المرجح أن يصبح الخط الفاصل بين “الواقع الافتراضي” و “الواقع الحقيقي” ضبابيًا بشكلٍ متزايد، بالتزامن مع تطور الأبحاث وزيادة قوة التقنيات المرتبطة بالميتافيرس.

النتيجة النهائية التي توصلت إليها، هي أن أي شخص لا يواكب هذه التطورات فإنه من المرجح أن يجد نفسه في مكانٍ غير مناسب على المدى البعيد، وقد يكون عدم وجودك في المستقبل غير البعيد في ميتافيرس شبيهًا بمحاولة الدفع نقداً مقابل جميع السلع والخدمات اليوم، فلربما ليس أمراً مستحيلًا، ولكنه يزداد صعوبةً شيئاً فشيئاً.

لقد أصبح الميتافيرس متاحاً الآن للجميع، وقد تم إطلاقه كي يبقى ويستمر ومن هنا تأتي أهميته.

العودة إلى الأخبار الصحفية

Related المدونات

مشاهدة الكل

مخرجات مهمة لاستراتيجية القطاع العقا ...

المدونات 21/11/2024 by علي سجواني

نحن في دولة الإمارات محظوظون بقيادتنا الرشيدة وتوجيهاتها الحكيمة ورؤيتها المستقبلية التي جعلت من دولتنا في طلي ...
اقرأ أكثر

ما هو نوع العقارات الفاخرة المناسبة لك؟ 

المدونات 15/10/2024 by علي سجواني

بعد أن أمضيت حياتي المهنية بأكملها منغمسًا في قطاع العقارات الفاخرة، أدركت أن شراء عقار فاخر لا يقتصر على مجرد ...
اقرأ أكثر

ما هي أبرز العوامل الرئيسية وراء الط ...

المدونات 17/09/2024 by علي سجواني

لقد تصدرت سوق العقارات في دبي عناوين الأخبار الرئيسية على مدار السنوات الثلاث الماضية بفضل مرونتها ونموها وشعب ...
اقرأ أكثر