شهد الجميع خلال الآونة الأخيرة تنامياً ملحوظاً لقطاع اللياقة البدنية عبر شبكة الإنترنت، إما من خلال منصة يوتيوب أو عبر إجراء التمارين عن بُعد مع مدربي اللياقة.
كما لاحظنا أيضاً توجه الكثير من المشاهير إلى إجراء التمارين الرياضية عبر الإنترنت. ورغم أن التدريب الشخصي كان يعتبر نشاطاً شخصياً تقليدياً، إلا أنه شهد تحولاً مثيراً للإعجاب عبر تبني نموذج جديد باستخدام أحدث التقنيات لضمان تجربة ممارسة سلسة للجميع.
قد يكون معظمنا توّاق إلى ممارسة الرياضة والاستمتاع بالتفاعل الاجتماعي على أرض الواقع، لكن الكثير من الناس أصبح معتاداً على التدرب بمفرده في المنزل بعيداً عن الصالات الرياضية، لاسيما مع توافر تطبيقات اللياقة البدنية على جميع الهواتف الذكية. وبينما تشير الدراسات إلى أننا نتدرب بجدية أكبر خلال التواجد مع مجموعة من الناس، أو في مكانٍ عام، إلا إن التكنولوجيا تسمح لنا بمحاكاة التجربة المشتركة عبر الإنترنت بأسلوبٍ مختلف.
أود في هذا المقال أن أستعرض لكم مجموعة من الأفكار حول الاتجاهات المستقبلية لعالم اللياقة البدنية عبر الإنترنت.
التدريب الشخصي عن بُعد
كان من المتوقع أن يستغرق انتقال التدريب الشخصي إلى العالم الافتراضي وقتاً طويلاً لولا انتشار جائحة كورونا، ولكن الأمر أصبح أفضل بكثير بالنسبة لأولئك الذين يبذلون جهداً أكبر عندما يشرف مدرب اللياقة على تمارينهم.
في ظل هذه المتغيرات، أصبحت عضويات الاشتراك في الأندية الرياضية وصالات اللياقة البدنية، متوفرة مع تطبيق إلكتروني خاص أو قناة على يوتيوب أو غيرها من مواقع بث الفيديو الأخرى، إضافة إلى مجموعة من التدريبات الرياضية المتاحة عبر الإنترنت. ولذلك ليس من المستغرب أن يتحول التدريب الشخصي إلى شبكة الإنترنت أيضاً.
وتشير دراسة أجراها موقع (Run Repeat) المتخصص في اللياقة البدنية على الإنترنت، إلى ثلاثة اتجاهات رئيسية في مجال اللياقة البدنية تعتبر الأبرز لدى البالغين في عام 2021:
- معدات اللياقة البدنية في المنزل (زيادة بنسبة 49.6٪)
- المدربون الشخصيون / أخصائيو التغذية (زيادة بنسبة 47.5٪)
- دورات وفصول واشتراكات اللياقة البدنية عبر الإنترنت (زيادة بنسبة 16.8٪)
وبطبيعة الحال، فإن شراء معدات اللياقة البدنية للاستخدام في المنزل أمر جيد، لكن معظمنا سرعان ما يضعها جانباً أو يتجاهلها بالكامل. وقد سجلت العديد من الشركات مثل (Peloton) نمواً هائلاً في الأشهر الثمانية عشر الماضية، كونها تجمع بين المعدات المنزلية التي يمكن الوصول إليها بسهولة، ومجموعة متنوعة من الحصص التدريبية عبر الإنترنت للاشتراك بها من خلال استخدام الدراجة الثابتة أو جهاز الجري.
تجارب قائمة على الذكاء الاصطناعي
أصبح الذكاء الاصطناعي متواجداً في كافة نواحي الحياة، ولكن قطاع اللياقة البدنية – بما في ذلك المدربين الشخصيين – بدأ للتو في تبني أدواته. وعملت العديد من الشركات المتخصصة في تطوير تكنولوجيا التمارين المنزلية مثل (Peloton) و (Zwift) على توظيف بيانات الذكاء الاصطناعي لتوفير أنظمة التمرين الرياضي في المنازل، إلى جانب تحليل بيانات طرق استخدام العملاء.
وقد تَعرفتُ مؤخراً على شركة مبتكرة في هذا المجال تُدعى ميرور، والتي طورت، حرفياً، مرآة تعمل بالذكاء الاصطناعي داخل المنزل، حيث تعرض التمارين الرياضية لمحاكاتها، وتستخدم الكاميرات لقياس أداء الشخص، وتحليل هذه البيانات لتطوير التمارين.
في الوقت ذاته، تستخدم (Tonal) وهي عبارة عن آلة تمرين رقمية صغيرة الحجم تتضمن شاشة مع عدد من الكاميرات، تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات التي يتم جمعها باستخدام الكاميرات لمساعدة المستخدمين على تحسين الأداء والتدرب بشكل أفضل.
الواقع الافتراضي
وعلى غرار الذكاء الاصطناعي، أصبحت تقنيات الواقع الافتراضي حاضرة بقوة في مجال اللياقة البدنية، وخاصة في المنازل، بفضل قدرتها على توفير تجربة مميزة داخل المنزل تماثل التدريب في الهواء الطلق، إضافة إلى العديد من المزايا الأخرى مثل تغيير روتين التمارين الرياضية، وتشجيع المستخدمين على ممارستها بوتيرة أعلى، ذلك أن تمارين الواقع الافتراضي يمكن أن تكون أكثر متعةً، لاسيما عند وضع سماعة الرأس، والمشاركة في رياضات الملاكمة أو الرقص أو التمارين الرياضية المكثفة، وممارسة الرياضة عن بُعد، أو التواصل مع الأصدقاء افتراضياً. وتتميز التمارين الرياضية عبر الواقع الافتراضي بأنها جذابة للغاية، وتتيح الفرصة للتواصل مع أشخاص من قدرات مختلفة بأسلوب ممتع.
تحديات افتراضية أكبر
وكما أشرت سابقاً، فقد تبنى العالم مفهوم اللياقة البدنية عبر الإنترنت، لدرجة أنه يمكنكم الآن المشاركة في سباقات الماراثون من منزلكم، وأصبحنا نرى المزيد من الأشخاص يشاركون في سباقات افتراضية مثل سباق الجري الافتراضي الذي تم تنظيمه في وقتٍ سابق من هذا العام في دبي، وأتاح للمشاركين فرصة المشاركة افتراضياً في ماراثون، أو نصف ماراثون، أو سباقات 10 كيلومترات، أو سباقات 5 كيلومترات.
بالإضافة إلى ذلك، يستمتع آخرون بالمشاركة في سباقات الدراجات لمسافات طويلة عبر الإنترنت، وكذلك التجديف بالقوارب، وحتى تحديات اللياقة البدنية العادية.
وتوفر التحديات الافتراضية في الأماكن الأكثر حرارة في العالم، على غرار منطقة الشرق الأوسط، إمكانية ممارسة التمارين الرياضية من قبل شريحة أوسع من المجتمع، فضلاً عن التمارين التي توفر تفاعلاً اجتماعياً، والأهم من ذلك، هو روح التحدي الذي يحتاجه الكثير منا للقيام بالتمارين الرياضية والحافظ على لياقته.
دورات افتراضية تدريبية أكثر ذكاءً
وهكذا نرى أن التكنولوجيا ساهمت في إحداث تغيير هائل في قطاع اللياقة البدنية عبر تحوله إلى العالم الافتراضي، حيث لم يعد يوجد بعد الآن نقص في المعدات والتطبيقات وخطط الصالات الرياضية الافتراضية والتدريب الشخصي عبر “زووم” أو منصات التواصل الافتراضي الأخرى، والتي تم تصميمها للحفاظ على النشاط وروح التحدي.
وأذكر هنا ساعة (FitBit) التي نعرفها منذ فترة طويلة وكانت بالتأكيد من أوائل التقنيات التي أتاحت قياس معدل ضربات القلب ونسبة الأكسجين في الدم والسعرات الحرارية التي يتم حرقها وتحديد الأهداف المستقبلية، من خلال جهاز صغير متصل بالإنترنت يوضع على المعصم.
بشكلٍ عام، بات بإمكاننا اليوم ممارسة الرياضة في أي مكان، وفي أي وقت، وكيفما نريد، مع توفر القياسات الدقيقة. وأصبحت الدورات التدريبية الرياضية متوفرة على نطاقٍ واسع وعند الطلب.
إن أبرز ما يميز تدريبات اللياقة البدنية الافتراضية، أنها جمعت الناس معاً عبر الإنترنت من جميع أنحاء العالم، بحيث يمكن لأي شخص التدرب مع مدرب متخصص للوصول إلى هدفه.
ومن المتوقع أن نشهد في المستقبل القريب توافر المزيد من الدروس والنصائح ومقاطع الفيديو التدريبية لتحسين اللياقة البدنية في مكان واحد مقابل رسوم اشتراك على نمط الاشتراك في “نتفلكس”. وهنا أنصحكم بمراقبة موقع Glo، على سبيل المثال.
الرفاهية الرقمية
ومع ظهور هذه الممارسات الجديدة، لاحظنا ازدياد الاهتمام بالصحة واللياقة عبر العالم الرقمي، فنحن ننتقل حالياً من مفهوم اللياقة البحتة إلى التأمل والأنماط الجديدة للياقة، حتى أنني شاهدت أحدهم يمارس رياضة اليوغا للعيون على الإنترنت مؤخراً.
في ظل ذلك، من المهم أن نعرف كيفية ضبط الوقت مع استخدام أنظمة “اللياقة الرقمية”، حيث تأتي العديد من الأجهزة بميزة القيود الزمنية للحد من فترات الاستخدام الطويلة.
ومن الجدير أن نتذكر أنه وفق العديد من الاستطلاعات – بما في ذلك استطلاع (Run Repeat) المذكور أعلاه – فإن الاتجاه الأبرز في مجال اللياقة البدنية هو الاستمتاع بالأنشطة والتدريبات الرياضية في الهواء الطلق، وقضاء أكبر وقت ممكن في الخارج، فلا يوجد شيء أفضل لصحة الجسم من ممارسة الرياضة في الأماكن المفتوحة واستنشاق الهواء النقي والحصول على الكمية اللازمة من “فيتامين د” لتعزيز راحة العقل والجسد والروح.