لقد أرخى تفشي الجائحة بظلاله على كل جانب من جوانب حياتنا، وبعد أن عانت صناعة اللياقة البدنية، كغيرها من القطاعات والصناعات الأخرى، بدأت تشهد جانباً من التعافي والانتعاش.
خلال الفترة الماضية، استغرقتُ بعض الوقت لدراسة الاتجاهات في هذا القطاع، والتي أعتقد أنها ستشكل الطريقة التي نؤدي بها التدريبات وتمارين اللياقة البدنية للسنوات القليلة القادمة.
في مدوناتي السابقة حول هذا الموضوع، أشرتُ إلى أن التغيير الأكبر والمُحدِّد لصناعة اللياقة البدنية هو التدريب الافتراضي عبر الانترنت، والذي يبدو أنه ساهم بشكل كبير في استمرار هذا القطاع وعدم انهياره. ففي الوقت الذي شهدنا فيها إغلاق بعض الأندية الرياضة والصالات التدريبية أبوابها للأبد، تمكنت صالات التدريب الذكية من تطوير خدماتها لتواكب الوضع الطبيعي الجديد.
التدريب الافتراضي عبر الإنترنت هو الاتجاه الأول الذي يرسم ملامح صناعة اللياقة البدنية ويحدد “الوضع الطبيعي الجديد”.
في هذا الصدد، كشفت دراسة استقصائية لاتجاهات اللياقة البدنية العالمية أن التدريب الافتراضي عبر الإنترنت قفز 26 مرتبة ليحتل المرتبة الأولى عام 2020.
في الحقيقة، انتشرت اللياقة البدنية الافتراضية على نطاقٍ واسع، ابتداءً من استوديوهات اليوجا عبر التدريب الشخصي إلى الأحداث الجماعية الضخمة، وقد أدى ذلك أيضًا إلى حدوث طفرة في الأشخاص الذين يشاركون في حصص اللياقة البدنية.
يوفر هذا النوع من التدريبات الكثير من المزايا للأشخاص، لعل أبرزها التدرب من المنزل وعدم الحاجة إلى الذهاب إلى صالة التدريب أو عدم الشعور بالقلق تجاه بعض المصاعب التي واجهتهم في الماضي على غرار: القدرة على التدرب أو حجم الصالة الرياضة أو عدم الشعور بالراحة داخل الصالة.
بطبيعة الحال، يشكل هذا التوجه الجديد تحدياً كبيراً للشركات التقليدية التي اعتادت على استقبال المتدربين في الصالات، أما الآن، فقد بات يتحتم عليها تبني حلول التكنولوجيا على نطاقٍ أوسع، تماماً كما هو الحال في قطاع التجزئة.
يأتي التدريب الافتراضي في المرتبة الثانية، حيث تربط التكنولوجيا بين المعدات والمُستخدم والمُزود. في ضوء ذلك، أصبح من الشائع، منذ نحو عام تقريباً، استخدام أحد الأجهزة الرياضية في المنزل وتجربة مسار افتراضي أو إجراء دورة تدريبية أو نظام لياقة بدنية.
على الصعيد الشخصي، أنا من أشد المعجبين بشركة بيلوتون، التي توفر دراجات تدريبية ثابتة في المنزل مزودة بشاشات للتدريب عن بُعد.
ولا تعد بيلوتون الشركة الأوحد في هذا المجال، إذا تظهر شركات مماثلة لها على غرار فاها، التي توفر مرآة تفاعلية كبيرة تمنح المتدربين تجربة جديدة.
تقدم المرآة، التي تشبه إلى حدٍ ما شاشة الهاتف المحمول العملاقة، تعليمات للمتدربين ليتبعوها من خلال الجهاز، وتوفر لهم فرصة الاستمتاع بالدروس الحية وعند الطلب، فضلاً عن التدريب الشخصي الفردي.
في سياقٍ متصل،تشهد التكنولوجيا القابلة للارتداء نمواً ملحوظاً، وتعد شركة (Fitbit) أحد أبرز الشركات في هذا الجانب، حيث تتيح للمتدربين ارتداء جهاز يشبه الساعة يراقب عدد خطواتهم ومعدل ضربات القلب ومستويات النشاط اليومي وعلامات حيوية أخرى، كما تشتمل الهواتف الذكية الآن على قدر كبير من البيانات الصحية التي يمكن ربطها في بعض البلدان بسجلاتك الطبية.
من المنتظر أن توفر “التكنولوجيا القابلة للارتداء” حياة أكثر صحة للأشخاص وتساعدهم على تحقيق أهدافهم “الرياضية” بشكل ٍ أفضل وأدق.
بالإضافة إلى ذلك، هناك جانب آخر لهذه التكنولوجيا التي قد نرى المزيد منها في السنوات القادمة. في هذا الصدد، توفر منصة DNA dongles خيارات مثالية، حيث توفر للشخص نظاماً متوازناً بناءً على صحته العامة والتمثيل الغذائي والوزن، وتوجهه لتناول الأطعمة المناسبة وممارسة التمارين الرياضية الملائمة له.
التمرين هو العلاج إن مفهوم التعامل مع التمارين الرياضية كشكل من أشكال الطب ليس جديدًا، ولكن مع ظهور التكنولوجيا وجمع البيانات وزيادة معرفة المستهلك بفوائد بعض الأطعمة، فإننا سنشهد نمواً كبيراً في هذا المجال.
بلا شك، هنالك علاقة وثيقة بين التمارين الرياضية والصحة العامة، وهنا ستلعب التكنولوجيا دورًا مهمًا في الجمع بينهما، في حين أن التشجيع على القيام بالتمارين الرياضية، كي تصبح جزءاً من نمط حياتنا الصحي، هو أمر سيكون له فوائد هائلة على المجتمع وعلى رفاهيتنا أيضاً في ذات الوقت.
ممارسة الرياضة في الهواء الطلق لا شيء يضاهي الأنشطة الخارجية الممتعة في الهواء الطلق، بدءاً من المشي السريع في المنتزه وحتى رفع الأوزان الخفيفة، حيث تُقابل التمارين في الهواء الطلق بحماس متجدد بعد فترة الجائحة.
وعلى الرغم من انتشار التكنولوجيا الحديثة ومعدات التدريب الافتراضية والتطبيقات التي تعتمد على البيانات، إلا أن أكثر ما نعتز به جميعًا هو المشي أو الركض أو ركوب الدراجة مع الأصدقاء أو العائلة.
لقد فتحت التكنولوجيا التي انتشرت بسرعة نتيجة تفشي الجائحة أبوابًا جديدة في عالم اللياقة البدنية، وجعلت الوصول إلى بعض الأنشطة أكثر سهولة وسمحت لنا بالحفاظ على صحة جيدة خلال الأوقات الصعبة التي مر بها الجميع.
في الواقع، فقد أصبحت التكنولوجيا عاملاً رئيسيًا للقيام بالتمارين الرياضية في العالم الحديث، ولكن ما تُظهره الاتجاهات هو أننا، نحن البشر، ما زلنا نحب الخروج من المنزل والمشاركة في تمارين بسيطة وممتعة. دعونا نرى ما تفضي إليه الاتجاهات هذا العام.