عندما أفكر في الفنادق، لا أرى للوهلة الأولى بأنها شركات متبنية للتكنولوجيا ولا حاضنات للابتكار، ولكن، إذا تمعنا قليلاً بالطرق التي تعمل وفقها، فإننا سنلاحظ الكم الهائل للتقنيات المتطورة المستخدمة في معظم الفنادق.
من أبرز الأمثلة على ذلك، أنظمة إدارة الممتلكات، وهي برامج معقدة تسهل تجربة الضيف بأكملها بدءاً من تسجيل الوصول إلى تسجيل المغادرة، معتمدةً على تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، التي تسهم بشكلٍ كبير في تطويرها.
من ناحيةٍ أخرى، تبدو الفنادق الذكية، إن جاز التعبير، إلى حد كبير مثل الفنادق التقليدية، لكنها تعمل بطريقة مختلفة تمامًا.
إنترنت الأشياء وأهمية الاتصال
تهدف الفنادق الذكية مستقبلاً إلى تمكين الأجهزة من الاتصال ببعضها البعض عبر الإنترنت، وهو ما يعزز من دور تقنية “إنترنت الأشياء”، فحتى الأجهزة العادية بات بإمكانها الآن إرسال واستقبال البيانات، وهذا ما يجعلها “ذكية”.
تعمل تقنية إنترنت الأشياء كأداة تمكين تسرع من عملية النمو الذكي، وحتى في حالة اتصال العديد من الأجهزة ببعضها البعض، فلا يزال بإمكان مستخدم واحد إدارتها من نقطة بعيدة أو هاتف ذكي أو جهاز لوحي، كما يمكن لبعض الأجهزة تحديد وفك تشفير المعلومات من الإنترنت، مما يسمح لها بالاستجابة بشكل مستقل أو ذكي لتعليمات المستخدم، كما يحدث على سبيل المثال: في الأضواء والستائر وأنظمة الصوت وغيرها.
من السهل معرفة الضجة الكبيرة التي تثار حول الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، فهناك العديد من الأسباب والاحتمالات التي لا تعد ولا تحصى، فمن منا لا يريد البقاء في غرفة فندقية مع ميزة تسجيل وصول مسبق عبر الإنترنت والحصول على أدوات تحكم ذكية بدرجة الحرارة والإضاءة، والتمتع بوسائل الترفيه عند الطلب من حساباته الخاصة ببث الفيديو أو الموسيقى وغيرها من التجارب الشخصية، فكل ذلك قد أصبح ممكناً من خلال هذه التقنيات الناشئة.
لماذا يجب أن نولي أهمية كبرى للفنادق؟
هل يتعارض تبنّي الفنادق للتكنولوجيا المتطورة مع مفهوم الضيافة التقليدي الذي يعتمد على وجود العنصر البشري؟ في الواقع، غالباً ما يخبرنا أصحاب الفنادق بأن الأعمال الفندقية تدور حول تجربة الأشخاص، حيث يشيرون إلى النفقات والصيانة الفنية والترقيات المستمرة وتدريب الموظفين.
حسنًا، أعتقد أن هناك أسبابًا جوهرية تدفع العلامات الفندقية العالمية لتكون من أوائل المتبنين للتقنيات المبتكرة.
التكنولوجيا قادرة على تحسين تجربة الضيف من جهة وتجعل الفنادق أقل اعتماداً على الموظفين وأكثر كفاءة من جهة أخرى، وهذا ما يؤدي في النهاية إلى تحقيق وفورات مالية.
التكنولوجيا تعمل على تحسين تجربة الضيف
- لا يحتاج الضيوف إلى تسجيل الوصول حضورياً، إذ يمكنهم إتمام التسجيل من خلال أي هاتف ذكي
- يمكن أن تتحكم ميزة التعرف على الصوت في ميزات الغرفة مثل التلفزيون والأضواء والستائر والمكيفات
- يمكن أن تحل خدمة الخادم الشخصي الفورية التي يتم تنشيطها صوتيًا محل لوحة التبديل
- تتوفر خدمة المساعدة الشخصية (كونسيرج) من خلال روبوت متعدد اللغات على مدار الساعة وطيلة أيام الأسبوع
- تعمل قوائم خدمة الغرف الآلية على تحسين وقت التسليم وتقليل الخطأ البشري
التكنولوجيا تجعل الفنادق أكثر فعالية من حيث التكلفة
- حماية أقل مع وجود أنظمة التعرف على الوجه
- عدد أقل من موظفي المكتب الأمامي لأن تسجيل الوصول / المغادرة سيتم بشكلٍ آلي
- لا حاجة لمشغلي المصاعد أو حاملي الأمتعة حيث يمكن أتمتة هذه المهام
- تقلل أجهزة التنظيف الذكية من عدد موظفي التدبير المنزلي
- تقليل الحاجة إلى موظفي خدمة الغرف عند توصيل الطعام من خلال روبوتات ذكية
- تقلل وحدات وأضواء التكييف الذكية الطلب على الطاقة وفواتير الخدمات
في ضوء ذلك، سيفضل بعض الضيوف وجود العنصر البشري، لاسيما أولئك الذين ليسوا على دراية تامة بآخر تطورات التكنولوجيا مثل كبار السن، ونتيجة لذلك، أعتقد أن الفنادق ستقدم إلى حد كبير خدمات شاملة ومنوعة للضيوف للتأكد من أن لديهم خيارات تجمع ما بين التكنولوجيا الذكية والتفاعل البشري.
نظرًا لأن المنتجعات الترفيهية تتمتع بجو أكثر استرخاء من فنادق المدينة، فيمكن اعتبار الأتمتة حداثة وليست ضرورة، ومع ذلك فلا يزال بإمكان الفنادق استخدام ونشر الأجهزة الذكية عبر إنترنت الأشياء.
وعلى الطرف المقابل فيمكنني أن أتخيل أن بعض العلامات الفندقية الكبرى قد أصبحت تقدم خدمات مؤتمتة بالكامل أو جزئية لفئة معينة من الضيوف، ويتم وضع الأسعار وفقاً لتلك الخدمات.
التكنولوجيا الذكية بلا شك ليست مرحلة عابرة فحسب، بل إنها توجه مستقبلي سيشهد مزيداً من الطلب في السنوات القادمة، بالتزامن مع مفهوم الخدمة الشخصية التي تأخذ تعريفاً جديداً مختلف تمامًا عن التقليدي.