سيركز معرض إكسبو 2020 دبي الذي ينطلق بداية أكتوبر المقبل على الاستدامة، وسيوفر فرص التعاون والشراكة لجميع دول العالم من أجل ضمان مستقبلٍ مستدامٍ للجميع.
لطالما ارتبط مفهوم الاستدامة بالحفاظ على البيئة والاستخدام المسؤول للموارد الطبيعية على اليابسة وفي أعماق المحيط، على حدٍّ سواء.
تاريخياً، ارتبط شعب الإمارات ارتباطاً وثيقاً بالبحر والحياة البحرية، انطلاقاً من موقع الدولة الاستراتيجي على طرق التجارة البحرية العالمية، لذا عاش أجدادنا على صيد اللؤلؤ في أعماق الخليج العربي، وكان لهذا أثر كبير في الثقافة الشعبية الإماراتية.
ولهذا السبب شعرت بحزنٍ عميق عندما قرأت مؤخراً عما يسمى برقعة النفايات الكبرى في المحيط الهادئ، والتي توجد بين كاليفورنيا وهاواي، فضلاً عن غيرها من “رقع النفايات” التي تشكلت بسبب تركز القمامة والنفايات في شمال المحيط الهادئ، والتي يقدر عددها بأكثر من 5 تريليونات قطعة من البلاستيك عالقة في أعماق المحيطات. ولا تقتصر المشكلة هنا في الحد من تشكل هذه البقع فحسب، بل في كيفية تنظيفها أيضاً.
وقد نال فيلم (Seaspiracy) الوثائقي الشهير على منصة “نتفلكس” حول صناعة صيد الأسماك والأضرار التي نلحقها بالمحيط، اهتماماً كبيراً من الصحافة العالمية، ولكنه برأيي قد تطرق إلى بعض الجوانب بشكلٍ خاطئ.
ولهذا أجريت بحثاً حول موضوع رقعة النفايات، لكن يؤسفني أن أقول أنها مشكلة حقيقية بالتأكيد، حيث تتكون بقع النفايات الكبيرة في الغالب من مخلفات المواد البلاستيكية التي يطفو بعضها على السطح والبعض الآخر يبقى عالقاً في الأعماق، وهو ما يؤدي إلى تشكل هذه البقع.
ودفع اسم “رقعة نفايات المحيط الهادئ” الكثيرين إلى الاعتقاد بأن هذه المنطقة عبارة عن رقعة كبيرة من النفايات يمكن رؤيتها بسهولة – على غرار جزيرة النفايات التي من المفترض أن تكون مرئية من خلال صور الأقمار الصناعية أو الصور الجوية. لكن القضية ليست هنا، فبالرغم من أنه يمكن العثور على مخلفات أكثر وضوحاً من القمامة في هذه المنطقة، إلا أن معظمها قطع صغيرة جداً من البلاستيك العائم التي لا تُرى بالعين المجردة.
عادةً ما يختلط الحطام البحري بفعل الرياح والأمواج، وينتشر على نطاقٍ واسع من سطح المياه، ومن الممكن الإبحار عبر “رقعة النفايات” في المحيط الهادئ ورؤية القليل جداً من الحطام أو حتى عدم رؤيته على سطح الماء.
لذا، من الصعب تقدير حجم هذه “البقع”، لأن الحدود والمحتوى يتغيران باستمرار مع تيارات المحيط والرياح. وبغض النظر عن الحجم والكتلة والموقع الدقيق لـ “رقعة النفايات”، فإن هذا الحطام، بلا ريب، من صنع الإنسان ويجب معالجته على نحوٍ ضروري.
وبصرف النظر عن التأثيرات طويلة المدى على النظم البيئية والحياة والصحة، يمكن أن تلتهم الكائنات البحرية الحطام الموجود في أي منطقة من المحيط، مما قد يسبب لها الاختناق أو الموت.
أبرز الحلول الناجعة
التوعية (يأتي معظم البلاستيك من النشاط البشري الأرضي)
هناك الكثير من الجهل حول هذا الموضوع المهم في مختلف دول العالم، بما في ذلك الدول المتقدمة التي يحرص معظم أفراد مجتمعاتها وقادتها على القراءة والاطلاع لتعزيز ثقافتهم واطلاعهم على كل ما هو جديد.
وقد تشكلت رقعة النفايات البلاستيكية بسبب النشاط البشري. ورغم أن البعض قد يقوم بإجراءات بسيطة للحفاظ على البيئة إلا أن ذلك لا يكفي بالتأكيد. وهناك خطوات أكبر وأكثر جرأة يجب علينا جميعاً النظر فيها ومشاركة معرفتنا الجديدة مع أصدقائنا وعائلتنا.
الحملات التوعوية
إذا كنت مهتماً بالموضوع، فلماذا لا تشارك في حملة توعوية لإحدث تأثير إيجابي، حيث يمكنك أن تصبح ناشطاً لدعم هذه القضية من خلال مشاركة أفكارك ومشاعرك عبر الإنترنت، وتقديم الدعم للحملات التطوعية العالمية مثل مشروع (Bin for Green Seas)، الذي يهدف إلى تسليط الضوء على أهمية الحد من انتشار النفايات البحرية، وذلك من خلال وضع مجسمات توعوية في المواقع الساحلية.
التطوع
لا يجب أن يكون العمل التطوعي كبيراً ومعقداً ومنظماً، حيث يمكنك اصطحاب أصدقائك أو عائلتك والتوجه إلى الشاطئ وأخذ القفازات وأكياس القمامة وقضاء بضع دقائق فقط في تنظيف جزء من الشاطئ. كما يمكنك بالطبع إشراك زملائك في العمل في فعالية مشتركة في إطار المسؤولية الاجتماعية.
التكنولوجيا
تسهم التكنولوجيا والابتكارات الحديثة بشكل كبير في وضع حلول مبتكرة لتنظيف المحيطات، من خلال الربط بين تقنيات الذكاء الاصطناعي والأقمار الصناعية لتحديد مناطق النفايات البحرية وجمع المواد البلاستيكية وإحضارها إلى الشاطئ وإعادة تدويرها والاستفادة منها في صنع منتجات جديدة مثل النظارات الشمسية.
ونظراً لارتباطنا وعشقنا للمحيط وتاريخنا الطويل والغني في الابتكار، سيكون من الجيد رؤية المزيد من الحلول الجديدة لتنظيف المحيطات التي يتم تطويرها هنا في دولة الإمارات.
وبطبيعة الحال، هناك طريقة رائعة وسهلة للمساعدة في الحد من تزايد النفايات في المحيطات عبر التوقف عن استخدام المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، وتغيير أسلوب التسوق التقليدي مثل التوقف عن شراء المياه المعبأة. فكل واحدٍ منا يمكنه أن يحدث الفارق، لنضمن لأطفالنا وأحفادنا فرصة الاستمتاع بمحيطاتنا، تماماً كما نستمتع نحن.