حققت خدمات ومنصات البث التلفزيوني عبر الإنترنت مثل: “نتفليكس” و”ديزني بلس” نمواً هائلاً أثناء تفشي الجائحة، نظراً لكونها أتاحت الفرصة أمام الناس لمشاهدة المحتوى المفضل لديهم في الوقت الذي يناسبهم، بدلاً من مشاهدة البث التلفزيوني التقليدي.
على الرغم من هذا النمو المذهل، إلا أن هذه المنصات تواجه تحديات كثيرة ومنافسة حقيقية ليست فقط من مقدمي خدمات البث والقنوات التلفزيونية المدفوعة، ولكن أيضاً من الفعاليات الترفيهية الواقعية على غرار دور السينما والمسارح والحفلات الموسيقية الحية.
و بينما يبدو أن نموذج البث التلفزيوني المنزلي قد تغير إلى الأبد ولم يعد ذلك الذي عرفناه على مدى عقودٍ مضت، يتساءل الكثيرون عن التحديات التي تواجه الفعاليات الترفيهية الحية والمنافسة التي تواجهها من المنصات الرقمية، لاسيما في ظل استمرار تفشي الجائحة.
أستعرض لكم، في السطور التالية، أبرز الاتجاهات التي تحدد أوجه المنافسة بين خدمات البث التلفزيوني عبر الإنترنت والفعاليات الحية:
لا شيء يتفوق على الأحداث الواقعية والفعاليات الحية
يقدم الترفيه الحي تجربة مختلفة وغامرة، فهناك من يحبون ببساطة مشاهدة الدراما الحية والتفاعل معها على أرض الواقع. في هذا الصدد، أكد معرض إكسبو 2020 دبي أن الفعاليات الحية لا تزال مفضلة لدى الكثيرين، حيث يواصل المعرض تقديم مجموعة يومية من العروض والأعمال الشهيرة، فالأداء الحي هو تجربة مشتركة، يتيح لنا التواصل المباشر مع الآخرين وتبادل المشاعر معهم، وهي التجربة التي لا يمكن الحصول عليها في المنزل من خلال منصات البث عبر الإنترنت، كما أن هناك أيضًا عنصر الإثارة والتشويق الذي يحفزك لرؤية أبطالك بصورة حية على أرض الواقع.
التكلفة المادية
في الوقت الذي تشتد فيه المنافسة في قطاع البث التلفزيوني المدفوع بالتزامن مع انخفاض الأسعار والعروض والإعلانات، ترتبط الأحداث الحية بالمناسبات الخاصة أو فرص مشاهدة العرض المفضل.
في الواقع، يبدي معظمنا استعداده لدفع مبلغ أكبر لقاء الاستمتاع بالتجربة الحية، التي غالباً ما تكون أكثر كلفةً من الناحية المادية، نظراً لارتفاع التكاليف المرتبطة بالموظفين وحجوزات الأماكن التي تقام عليها العروض والحفلات، ففي حين أن سعر التذكرة الواحدة لحضور أحد العروض المسرحية او الحفلات الموسيقية غالبًا ما يكون أكثر بكثير من الرسوم السنوية للاشتراك بخدمة البث التلفزيوني عبر الانترنت، فإن النقاط التي أثيرت أعلاه تعني أننا مستعدون لدفع المزيد من المال مقابل حضور الحدث الحي والمباشر.
الترفيه في مرحلة ما بعد الجائحة
خلال العامين الماضيين، افتقد الناس إلى مشاهدة الفعاليات الترفيهية الحية، وبات معظمنا يتوق مجدداً إلى الذهاب خارج المنزل لحضور الفعاليات والأنشطة الترفيهية مقابل الحصول على تجارب مميزة لا تنسى.
على سبيل المثال، لم يعد الذهاب إلى السينما مرتبطاً فقط بمشاهدة الأفلام، بل بات يوفر تجربةً جديدة، تتمثل في تناول أشهى الأطباق وأكثرها تنوعاً والمحضرة من قبل طهاة عالميين مثل: “جاي فييري” أو الشيف “أكيرا باك” الحائز على نجمة ميشلان.
نحن ندرك جميعاً الحاجة إلى دعم قطاع الترفيه والفعاليات في مرحلة ما بعد الجائحة، لاسيما بعد الخسائر والتحديات التي شهدها القطاع خلال الفترة الماضية.
مزايا تقنية
تقدم دور السينما التقليدية الآن مجموعة من التجارب “الإضافية” المميزة مثل العروض السينمائية بتقنية رباعية الأبعاد، التي يتحرك من خلال المقعد أثناء العرض، ليمنح المشاهد تجربة أقرب إلى الواقع مع شعوره بالمؤثرات الواقعية مثل الرياح والأمطار والدخان، كما أن هناك أيضًا توجّه متزايد نحو المسرح الغامر وتجارب الواقع الافتراضي ومفاهيم المسرح الإبداعي الأخرى مثل المسرح الدوار، بينما يأخذ الابتكار حيزاً واسعاً ضمن عروض الترفيه التي تقام في المنطقة.
في الجانب الآخر، باتت وسائل الترفيه المنزلي والألعاب، توفر طريقة رائعة للجميع للاستمتاع ببرمجة عالية الجودة في المنزل أو أثناء التنقل، لكن يبدو لي أن قطاع الترفيه الذي يأخذ بالاعتبار توقعات المستهلكين ومتطلباتهم، يبذل قصارى جهده ليبقى مثيرًا وممتعًا وملائمًا وجذاباً للجميع، ويتبنى الإبداع والابتكار والاستخدام الذكي للتكنولوجيا.
هناك مساحة مخصصة ووقت معين لكلٍ من خدمات البث التلفزيوني عبر الانترنت والترفيه الحي في جميع نواحي حياتنا، فأي واحدة منهما تفضلون؟