لماذا تحرص حكومة الإمارات على الاستثمار في الشركات الصغيرة والمتوسطة؟

عندما ألقي نظرة على بعض أكبر القوى الاقتصادية في العالم، فربما ليس من المستغرب أن يكون لديهم شيء واحد مشترك ألا وهو وجود الآلاف من الشركات الصغيرة والمتوسطة.

تعد هذه الفئة من الشركات الركيزة الأساسية لمعظم الاقتصادات المتقدمة، وحتى في الاقتصادات الناشئة، فإننا نرى القيمة الكبيرة التي يمكن أن تجلبها الشركات المحلية الأصغر حجماً إلى الدولة.

حتى مع دخولنا حقبة جديدة من الأتمتة، أعتقد أننا سنظل بحاجة إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تقودها الكوادر البشرية لأداء مهام “الميل الأخير”، مثل عمليات التسليم والفحوصات المرئية، على سبيل المثال.

في دولة الإمارات العربية المتحدة هناك عدد كبير من الفرص للشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث خلقت الحكومة عدداً لا يحصى من الفرص لرواد الأعمال والمستثمرين لتأسيس عمل تجاري بسرعة وسهولة.

تحظى الشركات الصغيرة والمتوسطة بدعم خاص من حكومة الإمارات العربية المتحدة لأنها تعتبر عاملاً رئيسياً في إطار التنوع الاقتصادي الذي تتبناه الدولة، فضلاً عن كونها تسهم في دعم سوق العمل وإتاحة الفرص أمام الموارد البشرية الوطنية.

تشكل الشركات الصغيرة والمتوسطة في دبي وحدها 95% من جميع الأعمال، وتوفر 42% من فرص العمل، كما تساهم بنسبة هائلة تبلغ 40% من الناتج المحلي الإجمالي للإمارة.

تعد الشركات الصغيرة والمتوسطة في العديد من الاقتصادات المتقدمة بمثابة العمود الفقري للنمو الاقتصادي والتوظيف والابتكار، وداعماً كبيراً لمواجهة الصعوبات والتحديات الاقتصادية.

شهد عام 2021 إطلاق أحمد الفلاسي، وزير الدولة الإماراتي لريادة الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة، برنامج “موطن ريادة الأعمال”، وهو برنامج مصمم لدعم إطلاق ما لا يقل عن 20 شركة يونيكورن ناشئة، تبلغ قيمتها أكثر من مليار دولار أمريكي بحلول عام 2031.

إنه لمن المثير للاهتمام أن نشهد سلسلة من الشراكات بين القطاعين العام والخاص مصممة لمساعدة رواد الأعمال على تأسيس أعمالهم في الإمارات العربية المتحدة، والقيام بالتوسع وتصدير المنتجات والاستفادة الكاملة من المبيعات عبر الإنترنت.

كما كشف الوزير أيضاً عن إنشاء صندوق أسهم خاصة بقيمة مليار درهم (نحو 272 مليون دولار أمريكي) لإقراض الشركات الصغيرة والمتوسطة في القطاعات الاستراتيجية، إذ يتمثل الهدف الأسمى من البرنامج ضمان تحول دولة الإمارات إلى مركز ريادة أعمال عالمي حقيقي مدعوماً بمجموعة من التعديلات في نظام التأشيرات وقواعد ملكية أكثر تحرراً في الشركات ومجموعة من القوانين المحدثة.

وبالطبع منذ أن ضاعفت الإمارات العربية المتحدة جهودها للتقليل من الاعتماد على الوقود الأحفوري، فقد لاحظت أن الحكومة والبنك المركزي يعملان معاً بشكل وثيق لمساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة على التأسيس.

كما أنشأت وزارة الاقتصاد الإماراتية برنامجاً وطنياً للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والذي يوفر الأطر والمبادئ التوجيهية والمشورة والتدريب والدعم الفني والإداري للشركات الصغيرة والمتوسطة الناشئة، حيث تعد اليوم هذه الشركات جزءاً لا يتجزأ من حملة الحكومة لتمكين القطاع الخاص ضمن عملية التنوع الاقتصادي.

كما أصدرت الحكومة مؤخراً قراراً وزارياً لدعم الشركات المملوكة من قبل مواطني دولة الإمارات وإدارة الشركات الصغيرة والمتوسطة بحوافز جديدة، حيث يمكن لمالكي هذه الشركات الآن تسجيل ما يصل إلى خمس شركات ضمن التصنيف الأول بدلاً من شركتين في السابق.

كما ستحصل الشركات أيضاً على تصنيف أطول مدته خمس سنوات بدلاً من ثلاث سنوات في السابق، وذلك بدءاً من تاريخ إصدار الترخيص.

أدى تصنيف الشركات إلى ثلاثة مستويات بناءً على قرار مجلس الوزراء رقم 18 لعام 2022 إلى تقديم حوافز للشركات الصغيرة والمتوسطة للامتثال لقوانين الشركات وتشجيع التوطين وتوظيف 500 شخص سنوياً وإجراء تدريب منتظم، إذ يؤدي الامتثال للقواعد على مستويات مختلفة إلى الحصول على مكافآت مثل التخفيض في تكاليف تأشيرة الموظف.

تعمل هذه التحركات الجريئة والسريعة، من وجهة نظري الشخصية، على التأكيد على التزام دولة الإمارات بمساعدة وتشجيع الشركات الصغيرة على النمو والازدهار.

ألا توافقوني الرأي على أن دعم الاقتصاد بمئات الآلاف من الشركات الصغيرة والمتوسطة هو شيء واقعي بل وضروري أيضاً، لاسيما في ظل حرص الحكومة على دعم الشركات المبتكرة ضمن المناطق الحرة المتنوعة والتي تركز على عدة مجالات، من التكنولوجيا الحيوية إلى المفاهيم الإنسانية مروراً بوسائل الإعلام.