لطالما نظر الأفراد إلى ساعات العمل الطويلة على أنها تؤثر بشكلٍ كبير على حياتهم الشخصية وتحد من قدرتهم على ممارسة الأنشطة التي يحبونها أو الهوايات التي تثير شغفهم خارج أوقات العمل.
في الواقع، شهدت السنوات القليلة الماضية، لا سيّما منذ انتشار الجائحة، حدوث تغيرات كبيرة في سوق العمل وآلية عمل الشركات، وتأثير ذلك على الإنتاجية.
وباعتباري رائد أعمال ينتمي إلى أسرة تحمل إرثاُ عريقاً في مجال الأعمال، لا أخفي عليكم حبي الشديد لحياتي المهنية، مع إدراكي الشديد لأهمية إيجاد التوازن المطلوب بين العمل والحياة الشخصية، وإتاحة الوقت لأنفسنا للقيام بالأنشطة الترفيهية والرياضية وقضاء وقت ممتع مع الأصدقاء والعائلة، لأننا جميعنا يعي تماماً بأن تطبيق التوازن بين العمل والحياة هو أحد أهم أسباب زيادة الإنتاجية والنجاح.
يمكننا خلق توازن صحي بين الوقت الذي نقضيه داخل وخارج مكان العمل من خلال التخطيط السليم.
في هذا الصدد، لخصت لكم بعض النصائح الهامة التي، حسب رأيي، تلعب دوراً حاسماً في تحقيق التوازن الصحي بين العمل والحياة الشخصية.
- إدارة الوقت
يجب وضع حدود واضحة لأوقات العمل، بما يساعدك على التركيز على العمل وزيادة الإنتاجية. على سبيل المثال، خلال ساعات العمل عليك التركيز فقط على إنجاز المهام الموكلة إليك، وبعد انتهائها، تجنب فتح رسائل البريد الإلكتروني واستقبال مكالمات العمل خارج نطاق ساعات العمل، إلا للحالات الطارئة، لأن ذلك من شأنه أن يساعدك على ممارسة الأنشطة التي تحب وقضاء وقت أطول مع أفراد أسرتك أو أصدقائك.
إن تنظيم الوقت هو أمر في غاية الأهمية لإدارة يومك بنجاح، لأنك ببساطة تخصص قدراً معيناً من الوقت لإكمال مهمة ما، مما يضع الحدود مرة أخرى في مكانها طوال يوم العمل، وهناك بعض التطبيقات الممتازة المخصصة لمساعدتك في إدارة الوقت بالشكل الأمثل.
أنا من أشد المعجبين بتقنية بومودورو لإدارة الوقت، والتي تضمن العمل على دفعات مدتها 25 دقيقة مع تخصيص استراحات لمدة خمس دقائق بينهما، حيث من المفترض أن يعزز ويحفز هذا الإجراء كلاً من التركيز والطاقة معاً، كما يمكنك أيضاً أن تكافئ نفسك براحة من 15 إلى 30 دقيقة بعد قضاء أربع جلسات مدتها 25 دقيقة، وهو ما يعد حافز مثالي لإبقائك على المسار الصحيح.
- إعطاء الأولوية للرعاية الشخصية
إن تخصيص وقت للرعاية الشخصية من خلال القيام بالتمارين الرياضية أو التأمل أو مجرد قضاء الوقت مع أحبائك، يمكن أن يلعب دوراً هاماً في زيادة الإنتاجية والتقليل من التوتر.
وقد تصدر موضوع العناية بصحة الموظفين جدول أعمال كل شركة في أعقاب مرحلة تفشي الجائحة، حيث أظهر الناس أنهم يتوقعون مستوى أعلى من الرعاية بالصحة العقلية والجسدية في مكان العمل، والموظفون الأكثر سعادة هم أكثر إنتاجية، لكنني لا أعتقد أن التركيز الكامل على العناية بصحتك ورفاهيتك يجب أن يبدأ من مكان عملك فقط.
إن أحد أهم أسرار روتين الرعاية الشخصية الناجح هو العثور على نشاط تستمتع بتأديته، فقد يكون هذا النشاط عبارة عن تمرين بدني أو القيام برياضة التأمل أو كتابة اليوميات، وبمجرد اكتشافك لهذا النشاط فمن المهم التأكد من تخصيص الوقت لإدراجه في يومياتك، لذا يجب وضع جدول زمني محدد والالتزام به، وفي غضون ستة أسابيع سيكون لديك عادة جديدة مفيدة بين يديك.
- اتباع نظام روتيني صارم
لقد اكتشفت من خلال تجاربي، بأن الروتين اليومي الصارم نسبياً يساعد في إدارة الوقت ويخلق بنية ذات قيمة ليومي، لذا حاول تحديد أوقات محددة للعمل والتمارين والأنشطة الشخصية.
يساعدنا اتباع النظام الروتين اليومي على إنجاز الكثير من الأشياء، بالإضافة إلى تقليل التوتر وتوفير فوائد أخرى بما فيها تحسين النوم. قد لا تروق فكرة اعتماد الروتين للجميع، ولكن إذا لم تكن قد قمت باتباع نظام روتيني من قبل فإنني أوصيك بتجربته.
- أخذ قسط من الراحة
يساعد أخذ فترات راحة قصيرة منتظمة طوال اليوم، بما في ذلك استراحات الغداء والمشي لمسافات قصيرة على إنعاش العقل وزيادة الإنتاجية.
على سبيل المثال، فإن الابتعاد عن إدمان تفحص شاشة هاتفك الذكي لفترات قصيرة ينعش الدماغ ويسمح للعينين بالراحة، كما يساعدك تناول وجبات صغيرة منتظمة ووجبات خفيفة في الحفاظ على الطاقة والشعور بالانتعاش والنشاط.
- قل نعم لقول لا
من المهم أن تتعلم كيف وأين تقول لا للأنشطة غير الضرورية التي تستغرق منك الكثير من الوقت، حيث يمكنك استغلال وقتك وأعمالك الروتينية اليومية والتزاماتك المتعلقة بالرعاية الشخصية كأسباب منطقية مثالية قابلة للتطبيق لقول لا.
- استخدم التكنولوجيا بحكمة
تلعب التكنولوجياً دوراً هاماً في زيادة الإنتاجية، ولكن يمكن أن تكون أيضاً مصدراً لتشتيت الانتباه، لذا يجب وضع حدود معينة لاستخدامها من خلال استخدام التطبيقات التي توفر ميزة التحقق من وقت الشاشة (Screen Time).
- طلب الدعم
تواصل مع الأصدقاء أو العائلة أو الزملاء للحصول على الدعم المعنوي والنفسي، حيث يمكن أن يساعد وجود شبكة دعم قوية في تقليل التوتر وتوفير هذا العامل الذي تشتد الحاجة إليه.
باختصار، هناك العديد من الفوائد لضمان عدم السماح للعمل بالسيطرة على حياتك.
بالطبع، فإن العمل هو جزء رئيسي ومهم في حياة أي شخص، لكن ضع في اعتبارك حقيقة أن الحياة يجب الاستمتاع بها خارج العمل، ويعتبر خلق التوازن بين العمل وحياتنا الشخصية هو الطريقة المثلى للحفاظ على صحتنا العقلية والجسدية معاً.