هل يمتلك عالم ميتافيرس الخصائص اللازمة للاستغناء عن الإنترنت التقليدي؟

أعاد عالم ميتافيرس تعريف معنى الإنترنت بصيغة جديدة أكثر انفتاحًا وشمولية للإنترنت التقليدي الذي نعرفه، مما يسمح بإنشاء عوالم رقمية يمكننا من خلالها المشي والتحدث والعمل واللعب.

إن الوصول إلى عالم ميتافيرس الافتراضي يحتاج إلى اتصال عالي السرعة بالإنترنت، حيث يمكننا اعتبار عالم ميتافيرس على أنه انتقال من الإنترنت ذي الشاشة المسطحة أحادي البعد إلى عالم غامر ثلاثي الأبعاد للإنترنت.

ولكن بمجرد دخولك إلى عالم ميتافيرس فإنه يمكنك استكشاف عالم جديد كلياً من صنعك، وهذه هي الفكرة التي تساعد الشركات والعلامات التجارية والأشخاص جميعًا على تشكيل هذه التكنولوجيا الناشئة، ولكن هل يمكنها الاستغناء عن الإنترنت بمفهومه التقليدي؟

للإجابة عن هذا التساؤل علينا أن نسأل أنفسنا، ما الذي سيدفعنا بعد اليوم لتسجيل الدخول إلى صفحة بحث تقليدية على الإنترنت، بينما يمكننا التجول بكل سلاسة في مكتبة عالم ميتافيرس أو مركز المعلومات أو غرفة الدردشة مع خبراء حقيقيين؟

على سبيل المثال، لماذا تقوم بشراء سيارة عبر الانترنت بينما يمكنك اختبار قيادتها على الطريق أو حلبة السباق في الوقت الفعلي؟ ولماذا تتحدث مع أشخاص على موقع فيسبوك بينما يمكنك التفاعل معهم بشكل كامل من خلال مساحة افتراضية من اختيارك؟

لكن دعونا نتوسع أكثر في مفهوم الميتافيرس، حيث أعتقد أن عالم ميتافيرس لا يمتلك فقط القدرة على تجاوز الإنترنت باعتباره مكانًا افتراضيًا مفضلًا للجميع فحسب، ولكنه سيلعب دوراً هاماً في تغيير الاقتصاد العالمي أيضاً.

لنأخذ قطاع التصنيع على سبيل المثال، حيث يمكن لمهندس سويسري أن يدخل مصنعًا في سريلانكا فعليًا للمساعدة في شرح كيفية إصلاح آلة معينة أو إجراء مهمة محددة للموظفين، والذي بدوره سيوفر الوقت والتكاليف وبالتالي يخلق فرصًا أكبر بكثير لمشاركة المهارات الحقيقية.

وقد أصبح العمل عن بعد أثناء تفشي الجائحة وقد يتطور (العمل من المنزل) إلى (العمل من ميتافيرس)، حيث سيكون التعاون العالمي في ذلك قابلاً للتحقيق على مستويات لم نشهدها من قبل.

وبينما نقوم بحضور الاجتماعات السنوية المهمة في المدن البعيدة، فقد أصبح بإمكاننا الآن أن نحضر هذه الاجتماعات ونحن نجلس في المنزل. وقد نشهد بالفعل اهتمامًا متزايدًا بالملابس الرقمية المصممة لاجتماعات ميتافيرس، حيث تركز دور الأزياء الراقية التقليدية على توفير ملابس مصممة افتراضيًا لتجسيد الشخصيات المتميزة.

كما يمكن إيصال خدمات الرعاية الصحية إلى المنزل مباشرةً بطرق جديدة ومثيرة ويسهل الوصول إليها بسهولة أكبر عبر ميتافيرس مع توفير الوقت والتكلفة. هل يمكن أن يساعد عالم ميتافيرس من هذا المنظور في إنقاذ حياة الكثير من المرضى الذين هم في حالة خطرة أو حرجة؟ أعتقد أن هذا الأمر ممكن للغاية.

ولا يمكن لعشاق الرياضة مشاهدة الأحداث المباشرة التي تستضيفها ميتافيرس فقط من الصف الأمامي (الافتراضي) ولكن من منظور اللاعب أيضاً، فتخيل مشاهدة فريق كرة القدم المفضل لديك من وجهة نظر أفضل مهاجم في الفريق أو الاستمتاع بمباراة ملاكمة من خلال عيون الملاكم.

كما سيصل قطاع التعليم إلى آفاق جديدة في ميتافيرس، حيث سيكون محققاً لمبدأ المساواة في التعليم متجنبًا مساوئ الفرص التعليمية المتردية بسبب الموقع أو الثروة، ويمكن للطلاب الوصول إلى الكوادر التدريسية ذات المستوى العالمي وأدوات التعلم الرقمية التفاعلية المتطورة. إن فرصة القيام بجولة في المواقع المهمة عالميًا مثل المتاحف والأماكن التاريخية والتجول في بعض أكثر البيئات إثارة للإعجاب في العالم، ستجعل التعلم أكثر متعة وذو تجربة غامرة.

إن أحد أهم العوامل التي تميز ميتافيرس هو أنه لن يكون مملوكًا كمنصة من قبل شركة واحدة، وهذا ما سيشجع على المزيد من الابتكار والإنصاف والشمولية.

ومع ذلك فإنه من المحتمل أن يؤدي إنتاج العناصر الرقمية لـ ميتافيرس إلى توسيع الهوة التكنولوجية الموجودة بالفعل بين البلدان المتقدمة والبلدان النامية، ومن الواضح بالفعل أن البلدان التي تتمتع بقطاع تكنولوجي قوي وبنية تحتية متطورة للإنترنت تستفيد أكثر من غيرها من عالم ميتافيرس الافتراضي.

إن تحقيق العدالة والتوازن في عصر ميتافيرس الجديد لا يزال قيد المناقشة، ولكن ما هو مؤكد حتى الآن هو أنه في حين أن الرؤية النهائية للإنترنت قد تكون متوقفة عن بضعة عقود، فإن كل ما ستصبح عليه سيعزز بالتأكيد تجربتنا الحالية عبر الإنترنت.