كيف يمكن أن تساهم الرموز غير القابلة للاستبدال في تعزيز الثقة بعلامتك التجارية؟

في ظل التطور التكنولوجي المتسارع الذي يشهده العالم اليوم، يتعين على العلامات التجارية وضع استراتيجيات مبتكرة لمواكبة هذا التطور، لاسيما فيما يتعلق بالرموز غير القابلة للاستبدال أو كما تعرف اختصاراً (NFT) للاستفادة من هذه الطريقة الجديدة للتداول الافتراضي.

غالباً ما تتخذ الرموز الفريدة، التي تمكّن المستخدمين الرقميين من الاستثمار عبر تقنية التعاملات الرقمية “البلوك تشين” شكل أعمال فنية فريدة من نوعها، وتوفر ملكية حصرية للمشترين. حيث يتدفق الناس لشرائها وتداولها كوسيلة لتحقيق الأرباح وزيادة الدخل على المديين القصير والطويل.

في هذا السياق، بلغ حجم تداول الرموز غير القابلة للاستبدال 17.6 مليار دولار أمريكي عام 2021، حيث حقق البائعون أرباحًا قدرها 5.4 مليار دولار أمريكي بزيادة قدرها 21,000% عن عام 2020، وذلك وفقًا لأحدث تقرير صادر عن موقع ((Nonfungible.com.

ألاحظ في الآونة الأخيرة اتجاهاً جديداً يلوح في الأفق، حيث بدأت العلامات التجارية بالتفكير خارج الصندوق، وباتت تدرك أن الرموز غير القابلة للاستبدال يمكن أن تساعد على إنشاء مجتمعات رقمية، حيث تساعد هذه الرموز المميزة الشركات على اختلاف أنشطتها وحجمها على بناء مجتمعات افتراضية مبنية على الثقة بالعلامة التجارية، وهو ما يشجع على الاستثمار في الإصدارات المحدودة، بما في ذلك صور المنتجات والمقتنيات.

هنا يتبادر إلى الذهن رائد الأعمال الأمريكي غاري فاينيرتشوك، الذي تمكن من تسجيل عدة نجاحات في العالم الرقمي منذ بداية الألفية الجديدة، لذا فليس من المستغرب أنه عندما اكتشف الرموز غير القابلة للاستبدال، سرعان ما نجح في إنشاء مجتمع افتراضي (VeeFriends)، الذي يوفر للأفراد فرصة تداول الرموز غير القابلة للاستبدال وحضور المؤتمرات السنوية للسنوات الثلاث التالية.

كونه يمتلك الشغف تجاه المشاريع الرائدة والأفكار الجديدة عبر الإنترنت، فقد قرر غاري أن يقدم الاستثمار والمشورة والتحدث عن الرموز غير القابلة للاستبدال بصفتها مشروعاً واعداً، ولذلك ارتأى أن يمتلك مشروعه الخاص، لاختبار وتعلم وفهم كل شيء يتعلق بها.

اليوم، أرى العلامات التجارية المبتكرة تغتنم الفرصة لتوظيف الرموز غير القابلة للاستبدال من أجل تحقيق الأهداف التالية:

الحصول على مصادر دخل جديدة

من أبرز الأمثلة في هذا الصدد، ما قامت به شركة نايكي الأميركية لإنتاج الملابس والأدوات الرياضية على سبيل المثال cryptokick NFT، الذي يربط الحذاء الرقمي بنظيره في العالم الحقيقي، مما يعني أن الصورة الرمزية من عالم ميتافيرس الافتراضي الخاصة بك يمكنها ممارسة أحدث الركلات، وبالتالي إذا كنت تبيع حذاء نايكي الرياضي فإنك تبيع أيضًا ما يعادله الرقمي.

من أبرز الأمثلة على ذلك ما قامت به شركة نايكي العالمية للملابس الرياضة، حين أطلقت مشروع (CryptoKicks) الخاص بالرموز غير القابلة للاستبدال بالتعاون مع (RTFKT Studios)، المشروع الذي يربط الأحذية الرقمية بنظرائهم في العالم الحقيقي، مما يتيح لهواة الجمع الحصول على أحذية رياضية مادية وصورة رقمية طبق الأصل لتجسيدها في عالم ميتافيرس الافتراضي، أي أن بيع حذاء رياضي من علامة نايكي، يعني بيعه أيضاً والاستفادة من قيمته على شكل رموز غير قابلة للاستبدال. كما توفر الرموز غير القابلة للاستبدال من نايكي للمستخدمين إمكانية الوصول إلى منتديات الأحذية الرياضية عبر الإنترنت.

وفي الوقت ذاته، تصدرت العلامة التجارية الرياضية المنافسة أديداس عناوين الصحف العالمية من خلال شراء (Bored Ape Yacht Club # 8774)، “إنديجو هيرز”، والتي حملت شعارها، بالإضافة إلى شراء قطعة أرض افتراضية في لعبة ساند بوكس ميتافيرس، حيث دخلت الشركة المتعددة الجنسيات التي تتخذ من ألمانيا مقراً لها في شراكة مع (PUNKS Comic) ومؤثر وسائل التواصل الاجتماعي (gmoney)، وأطلقت 30,000 رمزاً من الرموز غير القبلة للاستبدال لهواة الجمع.

بناء الولاء للعلامة التجارية والمجتمع

تخلق الرموز غير القابلة للاستبدال جاذبية للمستثمرين كونها توفر لهم ملكية حصرية لشيءٍ ما لا يمكن استبداله، حيث يتم النظر إلى أن ربط العوالم المادية والرقمية يعد خطوة متطورة لشركة ما، وينجح أولئك الذين تبنوا بالفعل هذه الرموز الرقمية في خلق ولاء أقوى للعلامة التجارية بين المجتمعات في ميتافيرس، لكن قيمة الرموز غير القابلة للاستبدال لا تكمن فقط في الأصل نفسه فحسب، إنما تتعلق أيضاً بالمزايا الإضافية التي يكتسبها المشترون من خلال ملكية الرموز المميزة بشكلٍ حصري، مثل الوصول الحصري إلى المنتجات والفعاليات والمواقع والخدمات. هذا هو المكان الذي بدأت فيه الشركات بالفعل في بناء ولاء للعلامة التجارية، مما يولد شعور بالانتماء إلى المجتمع والفرد في آنٍ واحد.

وتعد منصة (CryptoBear Watch Club) بمثابة نادٍ اجتماعي يطرح 10,000 رمز من الرموز غير القابلة للاستبدال، حيث يُنظر إليها على أنها قطع فنية وعضويات في نادٍ حصري في الفضاء الرقمي. تمكن هذا النادي من استقطاب مستثمرين عالميين من أصحاب الثروات والشهرة مثل: جاستن بيبر وباريس هيلتون وإمينيم وجيمي فالون، حيث تضمن المهرجان السنوي الافتتاحي لعام 2021 في نيويورك حفلات ونافذة محدودة لشراء الرموز وعشاء خيري.

في هذا الإطار، أشار صلاح زلاطيمو، الرئيس التنفيذي لمنصة NFT Voice))، لمجلة AdWeek)) أن العلامات التجارية يجب أن تصنع الرموز غير القابلة للاستبدال بطريقة تتوافق مع إرث العلامة التجارية ومصالح العملاء، على حدٍّ سواء.

جمع الأموال للأعمال الخيرية

يتوقع المستهلكون أن تتصرف العلامات التجارية بنزاهة ومراعاة تحقيق أهداف الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات التي تتصدر أجندة عام 2022، وهنا تتبادر إلى الأذهان شركة كوكاكولا التي دخلت عالم الرموز غير القابلة للاستبدال في عام 2021، عندما أطلقت ” loot boxes” المليئة ببضائع العلامة التجارية الرقمية، حيث تم التبرع بعائدات الحدث للأولمبياد الخاص.

تعزيز ثقافة العلامة التجارية:

كما قال جوش شواربر، كبير مديري التصميم الرقمي العالمي لشركة كوكاكولا “بأن عالم ميتافيرس الافتراضي الذي لا حدود له وأقل مساحةً من الناحية الجغرافية، يخلق فرصاً للتواصل مع الآخرين بشكل لم يسبق له مثيل”.

تمثل الرموز غير القابلة للاستبدال، حسب رأيي، وسيلة عصرية جديدة للعلامات التجارية لتطوير الولاء وتعزيز التفاعل مع المجتمع وتوفير الملكيات الحصرية وتعزيز ثقافة العلامة التجارية، وبالتأكيد، باتت العلامات التجارية الآن مرتبطة ارتباطاً جوهرياً بالحياة الرقمية، إن جاز التعبير.

ما هو واضح تماماً هو أن ميتافيرس والرموز غير القابلة للاستبدال والعالم الرقمي يتطورن بسرعة فائقة. إنها ثورة بحد ذاتها، وإذا لم تكن تخطط للاستراتيجيات الآن، فستخسر بكل بساطة.