بين الإعلام التقليدي والجديد.. كيف نتلقى الأخبار اليوم؟

يقضي معظم الناس الكثير من الوقت في متابعة الأخبار كل يوم، معظمها عبر الإنترنت، وفي الغالب عبر الهاتف الذكي. ومن المثير للاهتمام أن نفكر في كيفية تلقي معظمنا للأخبار في عام 2022 وما سيكون عليه المستقبل.

لا شك أن استخدام وسائل الإعلام الورقية انخفض بشكلٍ كبير على الرغم من كثرة الصحف والمجلات التي ما زلنا نراها في المتجر. ورغم الجهود التي تبذلها الصحف للالتزام بمعايير الاستدامة، إلا أنه هناك الكثير من الدعوات للاعتماد أكثر على الإنترنت في استهلاك الأخبار للمساهمة في الحفاظ على البيئة، رغم أن استخدام الإنترنت يستهلك الكثير من الطاقة أيضاً، حيث تشير التوقعات إلى أن الإنترنت سوف يستهلك خمس الطاقة الكهربائية في العالم بحلول عام 2025.

وبالطبع كان لجائحة “كوفيد-19” دور كبير في كيفية تلقينا للأخبار، بدايةً من إحجام الكثير عن شرائها بسبب الشائعات التي انتشرت بأن الفيروس يمكن أن ينتقل عن طريق الورق، وانتهاءً بانتقال معظم الناس نحو الإنترنت أثناء فترات الإغلاق العالمي.

وعلى الرغم من الرغبة اليومية الملحة لمتابعة آخر أخبار على مدار الـ 24 شهراً الماضية، فقد عانينا جميعاً من “إرهاق الأخبار”. ويشير استطلاع أجرته (YouGov) مؤخراً إلى أن مصادر وسائل الإعلام التقليدية (التلفزيون والراديو والمطبوعات) شهدت انخفاضاً مستمراً، مما يشير إلى تحول تدريجي إلى مصادر الأخبار الرقمية. كما يؤكد الاستطلاع أيضاً أن الشبكات الاجتماعية ومواقع الصحف أصبحت الآن مصدراً رئيسياً للأخبار لثلث الأمريكيين.

في الولايات المتحدة الأمريكية، على سبيل المثال، ما يزال استهلاك الأخبار عبر الوسائل التلفزيونية الخيار الأكثر شعبية خلال السنوات القليلة الماضية بما في ذلك خلال فترة (الجائحة)، ويتبعها وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية للصحف، وذلك وفقاً للاستطلاع ذاته.

ومن المثير للاهتمام أن التلفزيون ما يزال الأكثر شعبية في في الولايات المتحدة وخاصة لأولئك الذين تزيد أعمارهم عن 45 عاماً، وذلك إلى جانب الراديو ومواقع الأخبار. أما بالنسبة إلى جيل الشباب (الجيل زد) الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و 34 عاماً، و(جيل الألفية) الأصغر الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 24 عاماً، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي الآن بالنسبة لهم المصدر الأهم لمتابعة الأخبار.

كما نمت شعبية المدونات الصوتية (البودكاست) بشكل كبير في السنوات القليلة الماضية، في دلالة على الرغبة في متابعة الأحداث العالمية أثناء القيام بشيء آخر مثل ممارسة الرياضة في صالة اللياقة البدنية أو التسوق في المتاجر أو قيادة السيارة. ووفقاً للاستطلاع، فإن (البودكاست) هو الوسيلة الإعلامية الوحيدة التي ستشهد انتشاراً سنوياً أعلى في الأشهر الـ 12 المقبلة مقارنةً بالعام السابق.

وقد اعتاد الناس خلال الفترة الأخيرة على اختيار مصادر معلوماتهم حسب اهتماماتهم وهواياتهم، خاصة أن الكثير من وسائل الإعلام الكبيرة لديها أجندات خاصة، ما دفعهم للبحث عن مصادر متخصصة، الأمر الذي أدى بدوره إلى ازدياد المنصات المتخصصة – والتي ليست موثوقة بالضرورة – على شبكة الإنترنت.

وبطبيعة الحال ما يزال قطاع الأخبار قطاعاً كبيراً ومهماً خاصة في أوقات مثل الوباء العالمي الأخير، وما يزال الاهتمام كبيراً بالطبع بأخبار السياسة والحروب. ولكن لمواصلة التواصل مع مستهلكي الأخبار الأصغر سناً، يجب الاعتماد على طرق جديدة في توصيل الأخبار لهم. سواء كان مقطع فيديو مدته ثماني ثوانٍ أو 30 ثانية أو دقيقة واحدة على وسائل التواصل الاجتماعي، فالمهارة في اكتساب الاهتمام وولاء المستهلكين تكمن في قدرة مزودي الأخبار على مواكبة الاتجاهات الحالية.

وسيكون الفضاء الرقمي في السنوات القادمة المحرك الرئيسي لكيفية استهلاكنا للمعلومات، وسيتجه الجيل الشاب أكثر نحو خدمات البث الصوتي والموسيقى، فيما سيكون اعتماد الجيل الأصغر على منصات التواصل الاجتماعي. أعتقد أن الاتجاه المستقبلي بالنسبة لمزودي الأخبار سيكون الموازنة بين الرسائل والوسائط الإعلامية وتعزيز التكامل بينهما، فقد انتقلنا من الحصول على الأخبار القائمة على العادات والطقوس إلى عصر تتغير فيه حياتنا بطرق لا تعد ولا تحصى. وقد لا يكون مقدمو الأخبار قادرين على التحكم في الوسائط، لكنهم ما زالوا قادرين على التحكم في الرسائل. ولهذا فإن الأفضل في توصيل الأخبار هو الأفضل في استخدام التكنولوجيا بشكل أكثر فاعلية.