الإصغاء إلى نصائح الموظفين يقلل من الجوانب السلبية المحتملة للأتمتة مستقبلاً
بصفتي واحد من أكثر المشجعين لتبني الأتمتة، فإني أدرك تماماً مدى المزايا والعيوب التي يمكن أن يجلبها العمل بنظام الأتمتة، ولكن في الوقت ذاته، يجب ضمان توافق الأشخاص والتكنولوجيا معاً، لكي نحصل على المزايا الكاملة التي توفرها الأتمتة.
أعرب الموظفون على مستوى العالم عن مخاوفهم من أن عمليات الأتمتة ستحرمهم من وظائفهم، ومن المؤكد بأن هوليوود لديها بعض الأفكار المثيرة للاهتمام حول مفهوم تبني الروبوتات، لكننا في النهاية نعلم أن الأتمتة يتم تبنيها بشكل متزايد، وهو ما أشار إليه معهد ماكينزي العالمي عام 2017، حيث قدر أن الأتمتة يمكن أن ترفع نمو الإنتاج السنوي على مستوى العالم بنسبة تتراوح من 0.8 إلى 1.4%.
وقد اقترح معهد ماكينزي توفير مدخرات عالمية على رواتب تقارب الـ 15 تريليون دولار أمريكي، على الرغم من السماح للأتمتة الجزئية بالقيام ببعض الأدوار فقط، ولكن في هذا العصر الحديث من الأتمتة، فإن هناك حاجة ملحة للمؤسسات لضمان رعاية المواهب البشرية جيدًا، ولضمان شعور الأشخاص بالارتباط بالهدف التنظيمي والرؤية بين بعضهم البعض.
دعونا لا ننسى أن البشر قد واجهوا بالفعل موجة واحدة من الأتمتة وهي الثورة الصناعية، عندما وجدت مجموعات من العمال أن مهاراتهم لم تعد مطلوبة مطلقاً، ولكن تلك الفترة أثرت على ما يسمى بالعمال ذوي الياقات الزرقاء الذين يقومون في الغالب بمهام بسيطة ومتكررة.
من ناحية أخرى، فإن الأتمتة تثير مزيدًا من المخاوف لدى الموظفين أصحاب الياقات البيضاء أي من ذوي الدخل المتوسط مثل: موظفي المكاتب والطهاة وحراس الأمن والمحامين المبتدئين والمفتشين، على سبيل المثال لا الحصر.
سيؤدي استبدال دورك من خلال عملية آلية إلى خلق مشاعر غير مريحة تشبه التكرار، ولكن عند إعداد الموظفين للتغيير فإنه يمكننا ضمان انتقال أكثر سلاسة مع تشجيع الموظفين على البحث على عمل جديد مفيد لهم، سواء في نفس المجال أو في أي مكان آخر.
في جميع الأحوال فإنه سيظل هناك حاجة مساة إلى العنصر البشري، حيث شهدنا في القرن العشرين أن التكنولوجيا تحل محل الممارسات الزراعية التقليدية في جميع أنحاء العالم، وخاصة في العالم المتطور، مع تحقيق قفزات إنتاجية كبيرة، إذ لم ينتج عن هذا التحول بطالة جماعية، لأنها حدثت جنبًا إلى جنب مع خلق أنواع جديدة من العمل، وفيما يتعلق بظهور الأتمتة، فلن نرى مكاسبها الإنتاجية إلا إذا عمل الناس جنبًا إلى جنب بشكل متوازٍ مع الآلات.
كما تحدث النقاد أيضًا عن الشركات التي تتحمل مسؤولية أخلاقية تجاه الموظفين الذين يواجهون سيطرة الأتمتة.
بالنظر إلى أن العديد من المهام التي يقوم بها الإنسان أصبحت الآن آلية، لذا أعتقد أن طبيعة العمل ذاتها ستتغير في معظم القطاعات.
يعود الأمر للشركات في إعادة تحديد الأدوار والعمليات التجارية، والتي بدورها ستؤثر على الموظفين في جميع مستويات المهارة، لذا فإن هناك حاجة إلى تدخل عالمي على مستوى الدولة لضمان تكيف الشركات ومراكز التدريب لمساعدة الموظفين المغادرين لوظائفهم على اكتساب مهارات جديدة ذات صلة بالعصر الجديد، والذي بدوره سيساهم في مساعدتنا جميعًا على اجتياز هذه الفترة الانتقالية الدراماتيكية.
يجب أن يتزايد دور المدرسة في إعداد العصر الجديد للموظفين لبيئة عمل ربما تكون مختلفة تماماً، بالتزامن مع تصاعد فائدة الأتمتة، حيث أرى مستقبلًا ظهور المزيد من المهندسين ومهندسي البرمجيات وأطقم الإصلاح والصيانة وما شابه ذلك، لذا يجب علينا التفكير في عالم العمل الجديد، حيث يتم دفع أجور مجزية للأشخاص ذوي المهارات العالية والمؤهلين تقنيًا لأداء وظائف استثنائية.
لا يمكن أن تعمل البرامج والأجهزة الآلية إلا بمساعدة الإنسان، لذا فنحن بحاجة إلى تسخير العنصر البشري للاستفادة من الأتمتة، وخلق توليفة صحيحة يتكيف بموجبها الموظفون مع وظائف المستقبل.
في هذا الصدد، يرى المنتدى الاقتصادي العالمي أن الناس سيكونون أقل إرهاقًا مستقبلاً، وأنه سيكون لدينا معلومات أفضل وأكثر موثوقية في متناولنا، وأن الملل في مكان العمل سيكون من ذكريات الماضي.
من المحتمل أن يصبح العمل أقل إرهاقًا بالفعل وأقل خطورة في كثير من الحالات، حيث ستسهم الآلات التي قد نشكك في قدراتها اليوم، في تحقيق المزيد من النجاح وزيادة الإنتاجية في المستقبل.
أعتقد من وجهة نظري الشخصية، أنه يمكننا من خلال الاستماع إلى مخاوف الموظفين المساعدة في ضمان دخول الأشخاص إلى العصر الجديد بعقلية إيجابية واستعداد لتعلم مهارات جديدة، وبعد تلك المرحلة مباشرةً يصبح بإمكاننا جميعًا الاستمتاع بمستقبل أكثر تطوراً ونجاحاً.
