من الذي يمتلك الأصول الرقمية في العالم الافتراضي؟

سلطت الضوء، في مدونتي الأخيرة، على عالم الميتافيرس الافتراضي، وحاولت فيها شرح مدى أهميته وأبرز الأسباب التي تدفعنا نحو الاستثمار فيه.

14/12/2021

سلطت الضوء، في مدونتي الأخيرة، على عالم الميتافيرس الافتراضي، وحاولت فيها شرح مدى أهميته وأبرز الأسباب التي تدفعنا نحو الاستثمار فيه.

في هذه المدونة، سأتطرق إلى مفهوم الملكية في العالم الافتراضي، والطرق العملية لاستخدام الرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs) من قبل المستخدمين، بالإضافة إلى حماية هذه الأصول من الهجمات السيبرانية.

جميعنا يتذكر عندما كانت فكرة شراء الوسائط الرقمية عبر الإنترنت مثيرة للجدل. قد يبدو الأمر وكأنه حقبة ماضية، ولكنها ليست منذ زمن بعيد نسبياً.

في الأيام الأولى لشراء الأصول عبر الإنترنت وفي ظل انتشار منصات مشاركة الملفات بطرق غير قانونية، ظهر متجر “آي تيونز الموسيقي”، والذي فتح باب المناقشات حول الوسائط المادية مقابل الوسائط الرقمية، وبحث إيجابياتها وسلبياتها.

في ذلك الوقت، كان جزء كبير من المستهلكين لا يزال يفضل فكرة امتلاك الأصول المادية بدلاً من الملفات الموجودة على أجهزة الحاسوب أو مشغلات الملفات الصوتية من نوع “إم بي 3”.

أما اليوم فيمكننا أن نلاحظ مدى سرعة تغير هذا المشهد على مدار العقد الماضي أو نحو ذلك، حيث أصبح معظمنا مُطمَئناً لفكرة شراء الوسائط الرقمية.

لذا، لا يزال “متجر آي تيونز” والمنصات المماثلة تحافظ على حضورها القوي، وتقدم خدمات إضافية مثل خدمة “أمازون برايم”، الذي يعد خيارًا لكل من الوسائط المادية والرقمية، بينما تخلت بعض المنصات مثل “نتفليكس” عن الوسائط المادية بالكامل، محققةً نجاحاً باهراً من خلال توفير خدمات البث المدفوع.

في ظل هذه المتغيرات، لا يمكننا القول بأن الوسائط المادية قد باتت بالكامل جزءاً من الماضي، حيث إن عودة سوق “أقراص الفينيل”، على سبيل المثال، يوضح بأن العديد من هواة الجمع ما زالوا متحمسين للأشياء الملموسة.

ومع ذلك، فإن قلة فقط قد تنكر حدوث تحول شامل نحو الترفيه الافتراضي.

شخصياً، لا زلت أمتلك أقراصًا مضغوطة (CDs) وأقراص الفيديوهات الرقمية (DVDs)، ولكن بصراحة، نادراً ما أقوم بتشغيلها.

هل حقاً نمتلك ما نقوم بشرائه عبر الانترنت؟

على الرغم من أننا اعتدنا على شراء الوسائط عبر الإنترنت، إلا أن هذا الأمر لا يزال يطرح تساؤلاً مهمًا للغاية: ما الذي يعنيه امتلاك أصول رقمية؟

للوهلة الأولى، قد يبدو هذا واضحاً نسبياً، لكن عند شراء إحدى الوسائط الرقمية، فإنك ستستمتع بها، فعلياً، فقط في وقت فراغك. وبالمثل بالنسبة للمنصات القائمة على الاشتراك، حيث يُسمح لك بالاستفادة من خدماتها، طالما أنك تستمر في دفع الرسوم الشهرية أو السنوية.

في ضوء ذلك، قد لا تكون مسألة الملكية الرقمية واضحة تمامًا كما تبدو لنا.

ففي عالم ألعاب الفيديو، على سبيل المثال، إذا كنت لاعبًا فقد تتذكر استخدام وحدة تحكم من الجيل السابع لشراء أول ألعاب رقمية لك على الإطلاق. جرب هذه الألعاب ذاتها اليوم باستخدام أجهزة من الجيل التاسع، وستجد بأن عدد قليل منها فقط لا يزال يعمل، ومعظمها قد لا يعمل.

تصبح هذه المشكلة موضع تركيز أكثر عندما تفكر في الألعاب القديمة المتوفرة عبر الإنترنت فقط والتي تم إغلاق خوادمها، أو الألعاب الرقمية التي تمت إزالتها من الأسواق عبر الإنترنت.

ربما يكون تعاون “هيديو كوجيما” و”غوليرمور ديل تورو” هو أبرز مثال على هذا الاتجاه. فالطريقة الوحيدة لممارسة هذه اللعبة بشكل قانوني اليوم، تتمثل في شراء جهاز “بلاي ستيشن 4” مستعمل مع استمرار تثبيت البرنامج الأصلي.

التحقق من الملكية في ميتافيرس

لقد تحدثت بشكلٍ رئيسي عن الترفيه حتى الآن لتوضيح نقطة ما، لكن مسألة الملكية عبر الإنترنت لها صلة وثيقة بنطاق أوسع من ذلك.

هنا، يبقى السؤال الأهم: كيف يمكننا التأكد من أن أصولنا الرقمية فريدة وآمنة تماماً كما هي ممتلكاتنا المادية؟

إن الرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs) تسهم في التغلب على التحديات المتعلقة بالحفظ الرقمي، مع إضفاء قيمة قابلة للقياس على هذه الأصول.

إن لم تكن على دراية شاملة بمفهوم الرموز غير القابلة للاستبدال NFTs، فما عليك إلا قراءة مدونتي الأخيرة، التي تعمقت من خلالها في شرح وظيفة هذه الرموز المميزة وأهمية عالم الميتافيرس بشكل عام.

التطبيقات الافتراضية والواقعية

قد يكون الأمر مفاجئاً لأولئك الذين لا يتابعون هذا القطاع عن كثب، عندما يعلمون أن الرموز غير القابلة للاستبدال لديها مجموعة واسعة من التطبيقات، ليس فقط في العوالم الرقمية وإنما أيضًا في العوالم المادية.

بالطبع، لا يزال الأغلبية يميلون إلى التركيز على انتشار الرموز غير قابلة للاستبدال في ميتافيرس، حيث يتم اكتسابها بشكل متزايد كرموز للمكانة أو الحالة.

لنأخذ منصة RTFKT Studios، على سبيل المثال، التي حققت نجاحًا هائلاً مع تقديم صورها التعبيرية الرمزية “كلون إكس”.

مستقبلاً، سيتم رؤية هذه السلع الرقمية، بنفس الطريقة التي يتم بها عرض الممتلكات والساعات والسيارات الفارهة اليوم.

لكن هذا ليس سوى غيضٌ من فيض عندما يتعلق الأمر بالاستخدامات الممكنة. لنضع في الاعتبار إمكانية قيام الرموز الرقمية بتكملة أو استبدال سندات الملكية وشهادات إثبات الملكية، مما يساعد على تقليل عمليات الاحتيال وجعل الأسواق أكثر أماناً.

يمكن أن يؤدي استخدام NFTs في صناعة الساعات الفاخرة، على سبيل المثال، إلى تقليل النشاط في السوق الرمادية والحد من قدرة المحتالين على بيع هذه العناصر باستخدام وثائق مزورة.

وبالمثل، فإن أي شخص يتابع الرياضات الشهيرة، سيكون على دراية تامة بالمشاكل التي يسببها المضاربون ومروجو التذاكر، الذين يقومون بشراء التذكر، بشكلٍ عشوائي، فوراً بعد طرحها، ثم يبيعونها بأسعار مضاعفة للأشخاص الذين لم يتمكنوا من شرائها عند الطرح الأولي لها. يتم ذلك على الرغم من الإجراءات اللامحدودة التي يتخذها منظمو الحدث لردع مثل هذه الممارسات، فالخاسر في نهاية الأمر هو المشجع الحقيقي.

اليوم، إذا ما تخيلنا توظيف الرموز غير قابلة للاستبدال في هذا المجال، فإننا سنضع حداً لأولئك الجشعين الذين يستغلون المشجعين الحقيقيين، كما سيسمح ذلك للمنظمين بمراقبة القيمة السوقية للتذاكر، وكذلك الأشخاص الذين يقومون بعمليات البيع والشراء. من الناحية النظرية، يبدو هذا وكأنه تحسن كبير مقارنةً مع الوضع الراهن.

من السهل أيضاً تخيل استخدام الرموز غير القابلة للاستبدال في قطاع الأعمال. على سبيل المثال، يمكن أن يساعد استخدام تقنية “بلوك تشين” كأساس للعقود القانونية، في القضاء على إمكانية التلاعب غير القانوني.

كما أن استخدام هذه الرموز غير القابلة للاستبدال من قبل مؤسسة التنظيم العقاري (ريرا) وسندات الملكية، على سبيل المثال، يمكن أن يساعد في إضافة ضرائب مثل رسوم دائرة الأراضي والأملاك في دبي بنسبة 4٪ وتحصيلها تلقائياً.

فرصة كبيرة لنمو الأعمال

إن استخدام الرموز غير القابلة للاستبدال في ميتافيرس هو راسخ بالفعل ويكتسب زخماً يوماً بعد آخر، حيث تُمكّن العوالم الافتراضية مثل: ديسينترالاند و ذا ساند بوكس المستخدمين والشركاء من إنشاء الأصول داخل اللعبة وتداولها وتحقيق عائدات منها، كما أن هناك أيضًا بعض عمليات الانتقال المثيرة للاهتمام بين الأصول الرقمية والأصول الواقعية.

في وقتٍ سابق من هذا العام، باع مايكل أرينجتون، مؤسس “تيك كرانش” شقته في العاصمة الأوكرانية كييف بالعملة الرقمية “الإيثر” مقابل 36 إيثر (وهو ما يعادل نحو 93.5 ألف دولار أمريكي)، كجزء من أول مزاد عقاري بالأصول الرقمية في العالم.

تشير البيانات الصادرة عن (Chainalysis) في وقتٍ سابقٍ من هذا الشهر، أن العام الماضي شهد نشاطاً غير مسبوق في أسواق الرموز غير القابلة للاستبدال عالمياً. كما يذكر تقرير NFT Market لعام 2021، أن المستخدمين أنفقوا ما لا يقل عن 26.9 مليار دولار من العملات المشفرة على عقود ERC-721 و ERC-1155، وهما نموذجان من عقود “الإيثريوم” الذكية المرتبطة بأسواق الرموز غير القابلة للاستبدال NFT.

أيًا كانت الطريقة التي تنظر بها إلى الموضوع، فإن الرموز غير قابلة للاستبدال باتت تشكل النسبة الأكبر من الأعمال في عالم ميتافيرس، ومن المنتظر أن تواصل النمو عام 2022، بالتزامن مع ارتفاع ثقة المستخدمين بها.

معرفة المخاطر

تعتبر الرموز غير قابلة للاستبدال NFTs آمنة للغاية، لأنها مبنية على مبدأ تقنية بلوك تشين، وكل رمزٍ منها مشفر ويتمتع بخصائص فريدة عن الآخر، وهو موجود فقط ضمن سلسلة من الأرقام في تقنية البلوك تشين، حيث يعد التلاعب بشبكات البلوك تشين أمرًا صعبًا للغاية لأن إجراء تغيير على كتلة واحدة يتطلب تغيير جميع الكتل اللاحقة أيضاً.

مثال على ذلك “إثبات إنجاز العمل”، الذي يضع حدًا أدنى للوقت لإنشاء الكتل الجديدة، بالإضافة إلى التحقق المستمر من نظير إلى نظير، لذا فهي تعد إحدى أكثر الأنظمة أمانًا على هذا الكوكب. لكن هذا لا يعني أن عالم الأصول الرقمية NFTs خالٍ من المخاطر، فلسوء الحظ وكما هو الحال مع أي سوق يتم فيه تداول مبالغ كبيرة من الأموال، فقد أصبحت هذه الأصول هدفًا مربحاً للمحتالين الذين يجوبون عالم ميتافيرس الافتراضي.

اكتشاف المحتالين

تتضمن عمليات الاحتيال الأكثر شيوعًا في عالم الرموز غير القابلة للاستبدال NFTs، محاولة الوصول إلى مَحافظ العملات المشفرة للأشخاص، لسرقة الأموال وتحريف ملكية الأصول بهدف بيعها بأسعار مرتفعة.

عندما يتعلق الأمر بالحماية، فإن هناك بعض الإجراءات البسيطة التي يمكن لأي شخص اتخاذها وأبرز تلك الخطوات هي: عدم الرد على الرسائل غير المرغوب فيها حول الأصول الرقمية NFTs، عدم الضغط على الروابط التي تحتوي عليها هذه الرسائل، كما ينبغى عدم مشاركة العبارة الأولية (كلمة المرور التي تتيح الوصول إلى محفظتك المشفرة والتحكم فيها) وذلك تحت أي ظرفٍ كان. بالإضافة إلى ذلك، يجب علينا تجنب حفظ كلمة المرور رقمياً، وبدلاً من ذلك، علينا أن نكتبها بشكلٍ يدوي ونحفظها في مكانٍ آمن، فضلاً عن التفكير الجاد في الاستثمار في محفظة العملات الرقمية.

أما فيما يتعلق بالمحتالين الذين يحاولون وصف الأصول الرقمية NFTs “الوهمية” على أنها حقيقية، فهناك أيضًا عدد من الخطوات التي يمكنك اتخاذها لحماية نفسك.

إذا كنت تستخدم واحدة من أكبر أسواق الرموز غير القابلة للاستبدال (OpenSea)،على سبيل المثال، فتحقق دائمًا من أسعار الأصول المماثلة. وإذا لاحظت وجود تباين كبير بين العنصر الذي تشاهده والقوائم المماثلة، فقد لا تكون الصفقة شرعية، ولا تنسَ أبداً بأن المحتالين غالبًا ما يحاولون جذب الضحايا المحتملين بعلامات أسعار جذابة سواء عبر الإنترنت أو على أرض الواقع.

إذا بدا السعر مناسباً، فقد حان الوقت للتأكد من هوية البائع والأصل الرقمي المعني. على سبيل المثال، هل اسم البائع مكتوب بشكل صحيح؟ هل لديهم علامة زرقاء لإثبات التحقق؟ هل وصف الأصول والخصائص مطابق للنص المرافق المكتوب؟

والأهم من ذلك كله، هو التأكد من صحة العقد المبرم، وللقيام بذلك، يتوجب عليك نسخ العقد من الموقع الإلكتروني الرسمي للبائع (الغالبية العظمى من المشاريع القانونية تجعل عقودها متاحة أمام الجمهور)، وتحقق من ذلك مقابل النسخة المدرجة في السوق، فإذا كانت العقود متطابقة فمن المحتمل أن تكون الأمور على ما يرام، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فمن المحتمل أنك اكتشفت عملية احتيال جديدة.

استمتع بوقتك

السبب الرئيسي الذي يدفعني لاستخدام الرموز غير القابلة للاستبدال NFT هو أنها ممتعة ومبتكرة ومثيرة، ولا أريد هنا أن أعطي أي شخص انطباعًا بأن الاحتيال أكثر انتشارًا في قطاع الرموز غير القابلة للاستبدالNFT منه في أي قطاع آخر، سواء كان افتراضيًا أو ماديًا، لأن الحقيقة المؤلمة أنه كلما ظهر لدينا قطاع أو سوق جديد، ظهرت بالمقابل أنشطة غير قانونية وعمليات احتيال جديدة.

تكمن المشكلة في أنه لا يقوم جميع المتداولين الجدد بأداء واجباتهم، وبالتالي يسهل استغلالهم، ومع استمرار تزايد شعبية الأصول الرقمية غير قابلة للاستبدال NFTs، سيصبح مستخدمو NFTs بلا شك أكثر دراية بالفرص والصعوبات والتحديات المرتبطة بها، ويمكن أن تصبح الرموز غير القابلة للاستبدال NFTs شائعة بالتزامن مع توسع عالم ميتافيرس الافتراضي.

في ضوء ما سبق، من الممكن أن يصبح شراء الأصول الرقمية غير قابلة للاستبدالNFT بعد عشر سنوات من الآن، أمرًا طبيعيًا ومتداولاً مثل شراء أي أغنية على متجر آي تيونز الموسيقي.



العودة إلى الأخبار الصحفية

Related المدونات

مشاهدة الكل

مخرجات مهمة لاستراتيجية القطاع العقا ...

المدونات 21/11/2024 by علي سجواني

نحن في دولة الإمارات محظوظون بقيادتنا الرشيدة وتوجيهاتها الحكيمة ورؤيتها المستقبلية التي جعلت من دولتنا في طلي ...
اقرأ أكثر

ما هو نوع العقارات الفاخرة المناسبة لك؟ 

المدونات 15/10/2024 by علي سجواني

بعد أن أمضيت حياتي المهنية بأكملها منغمسًا في قطاع العقارات الفاخرة، أدركت أن شراء عقار فاخر لا يقتصر على مجرد ...
اقرأ أكثر

ما هي أبرز العوامل الرئيسية وراء الط ...

المدونات 17/09/2024 by علي سجواني

لقد تصدرت سوق العقارات في دبي عناوين الأخبار الرئيسية على مدار السنوات الثلاث الماضية بفضل مرونتها ونموها وشعب ...
اقرأ أكثر