أنا من أشدّ المؤيدين لتقنية التوأم الرقمي، ولطالما كنتُ كذلك لسنوات عديدة إذ يعمل الابتكار في هذا المجال على إحداث نقلة نوعية في تجربة شراء العقارات، ويُسهّل تصوّر الأصول المبنية وتحسينها. والنتيجة هي وضعٌ مربحٌ للجميع، سواءً للمشترين أو البائعين.
لمن لا يعرفون هذه التقنية، تُعدّ التوائم الرقمية نسخًا افتراضية ثلاثية الأبعاد للخصائص أو الأنظمة أو العمليات، ويمكن تحديثها باستمرار باستخدام بيانات آنية، ووفقًا لشركة فورتشن بيزنس إنسايتس، فإنه من المتوقع أن ينمو السوق العالمي للتوائم الرقمية من 24.48 مليار دولار أمريكي في عام 2025 إلى 259.32 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2032، وهو ما يمثل معدل نمو سنوي مركب مذهل يتجاوز 40% على مدى السنوات السبع المقبلة.
وبصفتي المدير الإداري للعمليات والمالية والضيافة في شركة داماك العقارية، فقد شرعتُ في قيادة تبني شركتنا لتقنية التوأم الرقمي منذ بداية تفشي الجائحة العالمية، وفي السنوات التي تلت ذلك ساهمت هذه النماذج في تحسين عملية المبيعات لدينا بشكل كبير، مما سمح لفريقنا بعرض المجمعات السكنية الرئيسية في عالم الميتافيرس الافتراضي، ونتيجةً لذلك شهدنا نموًا في قيمة المعاملات المرتبطة من 24 مليون دولار أمريكي عند الإطلاق إلى أكثر من 400 مليون دولار أمريكي في عام 2024.
لذا، قررت من خلال مدونتي لهذا الشهر أن أشرح للجمهور المتابع لماذا أعتقد أن تقنية التوأم الرقمي تمثل مستقبل مبيعات العقارات..
توقع احتياجات المستخدمين النهائيين:
تاريخيًا، اعتمد تطوير العقارات على المخططات والنماذج الأولية المادية. في العقود الأخيرة، حيث ساهمت عمليات مثل نمذجة معلومات البناء في جعل مراحل التصميم والتخطيط لتطوير العقارات أكثر كفاءةً وتعاونًا، كما تُمثل التوائم الرقمية الخطوة التالية الطبيعية في هذا التطور. فمن خلال توفير بيئات افتراضية مُحدثة باستمرار تُصوّر بدقة الأصول المادية والأنظمة المرتبطة بها، تُمكّن هذه النماذج المصممين والمطورين من تخطيط واختبار كل تفصيلة من تفاصيل المشروع قبل وضع حجر الأساس.
قبل مرحلة البناء وأثناءها، يمكن استخدام التوائم الرقمية لتحليل عناصر التصميم، مثل ضوء النهار، وجودة الهواء، والراحة الحرارية، واستهلاك الطاقة، والتخطيط، مما يُسهّل تقييم الأداء المستقبلي للأصول المخطط لها مع ضمان رفاهية السكان خلال هذه العملية. وقد أثبتت مشاريع ضخمة، مثل منصة سنغافورة الافتراضية وبوابة مطار لندن هيثرو رقم 5، قيمة هذا الابتكار.
وقد دأب المطورون العقاريون ذوو الرؤية المستقبلية، مثل داماك العقارية، على الاستفادة من مزايا تقنية التوأم الرقمي لسنوات عديدة، واضعين بذلك معيارًا ذهبيًا جديدًا للمشاريع السكنية في دبي وخارجها، ومع ذلك أتوقع أن يستمر نمو استخدام هذه التقنية في السوق على نطاق أوسع مع انخفاض التكاليف المرتبطة بها.
ترسيخ المعايير البيئية للعقار:
يمكن للتوائم الرقمية أيضًا أن تُسهم في زيادة كفاءة عمليات تطوير العقارات، وتوفير مخزون مستدام من المباني. فهي تُمكّن المهندسين من نمذجة وتحسين استهلاك الطاقة، واستخدام المياه، وأنظمة التدفئة والتهوية وتكييف الهواء بشكل شامل، مما يُتيح فرصًا لتقليل النفايات، وخفض تكاليف التشغيل، والمساعدة في الحفاظ على الموارد الحيوية.
علاوةً على ذلك، يُمكّن دمج مُدخلات البيانات والتشخيصات الآنية أصحاب المصلحة من اتخاذ خيارات أكثر مراعاةً للبيئة وفعاليةً من حيث التكلفة واستباقيةً، إذ لا تقتصر فوائد التوائم الرقمية على مرحلة البناء فحسب، بل لديها أيضًا القدرة على تحسين العمليات طوال دورة حياة الأصول المُشيدة.
إن المكاسب التي تحققها التوائم الرقمية يمكن أن تعزز أيضًا أرباح المطورين. وينطبق هذا بشكل خاص على دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يبدي ما يصل إلى 70% من المستثمرين استعدادهم لدفع مبالغ إضافية مقابل عقارات أكثر مراعاةً للبيئة.
تحقيق فوائد لجميع أصحاب المصلحة:
تتحول التوائم الرقمية بسرعة إلى أداة مبيعات وتسويق لا غنى عنها لمطوري العقارات وشركائهم. أولًا، تُسهم في خفض التكاليف التشغيلية المرتبطة بالتجهيز الفعلي. ثانيًا، يزداد احتمال اتصال المشترين بالعقار بنسبة 95% عند توفر خيار القيام بجولة افتراضية، وذلك وفقًا لبيانات ماتربورت.
ويمكن لمشتري المنازل الآن القيام بجولات افتراضية شاملة ومفصلة من أي مكان. لا يهم إن كان العقار قيد الإنشاء أو جاهزًا، فهذه التقنية تتيح للعملاء المحتملين حرية استكشاف المساحات بالسرعة التي تناسبهم، أينما كانوا، وفي الوقت نفسه يمكن لمستشاري المبيعات توجيه المشترين على الإنشاء من خلال خيارات التخصيص، مما يتيح لهم تجربة مختلف التشطيبات والتجهيزات والتركيبات والتصميمات في بيئة افتراضية، إذ لا يقتصر هذا على تمكين العملاء من استكشاف كامل إمكانات العقار منذ البداية فحسب، بل يقلل أيضًا من الحاجة إلى عمليات تجديد أو ترميم مكلفة وغير مريحة لاحقًا.
ومن وجهة نظري الشخصية، يلعب تطبيق التوائم الرقمية دورًا حاسمًا في بناء قطاع عقاري أكثر كفاءةً واستدامةً وتركيزًا على العملاء، حيث تتيح هذه التقنية للمشترين فرصة بناء منازل أحلامهم من خلال تبسيط عمليات البيع وتحسين تجربة العملاء مع تمكين المطورين ذوي الرؤى المستقبلية من بناء مجتمعات مستدامة عالمية المستوى.
قبل خمس سنوات، لم يدرك سوى عدد قليل جدًا من المتخصصين في العقارات الإمكانات الهائلة للتوائم الرقمية في تحقيق الإيرادات، ويشهد سجل داماك العقارية الحافل خلال هذه الفترة على قوة النماذج الافتراضية، ولا شك لديّ في أن هذه التقنية ستواصل تسهيل المبيعات لسنوات عديدة قادمة.