يشهد النظام البيئي للشركات الناشئة في دولة الإمارات العربية المتحدة نمواً مستمراً، مدفوعاً بعامل الابتكار الذي يعد ركيزةً أساسية في تطور أداء الشركات.
تتنوع أنشطة الشركات الناشئة، بدءاً من التمويل وصولاً إلى الغذاء ومروراً بتطبيق مفهوم الاستدامة ومنه إلى الفضاء. إنه الوقت الأنسب كي تكون رائد أعمال وأن تبدأ مشروعك الجديد.
ربما يكون الفضاء من أكثر المجالات إثارةً للاهتمام، لذا فإني أتابع بشغف مبادرة مشاريع الفضاء التي أطلقها “مركز محمد بن راشد للفضاء” مؤخراً، وهي منصة انطلاق رائدة للشركات الناشئة في قطاع الفضاء في المنطقة ومختلف دول العالم.
وبينما لا تتطلع كل شركة ناشئة إلى الاستثمار في مجال الفضاء، نجد أن هنالك الكثير من القطاعات التي تستقطب الشركات الناشئة، ومن أبرز الأمثلة على ذلك شركة تركر (TruKKer)، التي تعد أول منصة رقمية لخدمات النقل بالشاحنات في المنطقة، والتي أحدثت ثورة في هذا القطاع.
تأسست الشركة، التي تلقب باسم “أوبر للشاحنات”، عام 2016 من قبل صديقين، أحدهما كان يعمل في مجال البناء والآخر في مجال تكنولوجيا المعلومات، وهما غوراف بيسواس وبراديب مالافارابو.
جاءت فكرة تأسيس الشركة من قبل غوراف وبراديب، بعد أن اكتشفا بأن أحد الأصدقاء يواجه مشكلة في نقل بعض البضائع، بعد أن تم التخلي عنها بواسطة إحدى شركات النقل بالشاحنات.
على إثر ذلك، قرر الصديقان إنشاء هذه المنصة الرقمية، والبدء بمرحلة الاختبار من خلال تقديم خدمات تركر لنقل الأثاث المنزلي ضمن دولة الإمارات العربية المتحدة، وفي الوقت ذاته، كانوا يتطلعون إلى استقطاب العملاء من فئة الشركات.
إن أحد أبرز العوامل التي ساعدت تركر على النمو خلال زمنٍ قصير، هو تبنيها، منذ البداية، تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، في تبسيط إجراءات الشحن البري والخدمات اللوجستية.
حققت تروكر، تماماً كما تطمح أي شركة ناشئة، نمواً فاق التوقعات بنسبة 11000٪ في أول عامين من تأسيسها.
اليوم، تتولى هذه الشركة الرائدة خدمات النقل لأكثر من 500 شركة، فضلاً عن الآلاف من عملاء التجزئة الذين يحتاجون إلى نقل البضائع، بما في ذلك كافة الخدمات اللوجستية وعمليات نقل البضائع لمسافات طويلة والشحن البري ومتابعة حركة الحاويات من الموانئ والتخليص الجمركي ضمن دول مجلس التعاون الخليجي.
عام 2021، حصلت الشركة على أكبر حصة من إيراداتها من خلال النقل لمسافات طويلة والنقل العابر للحدود ضمن دول مجلس التعاون الخليجي، والتي تمثل نحو 70% من إيراداتها.
مؤخراً، افتتحت الشركة مكتباً لها في القاهرة، حيث كشفت عن خطط نمو إقليمية، مدعومة بحملة تمويل بقيمة تصل إلى 26 مليون دولار أمريكي.
كان يتم تشغيل أعمال النقل البري بشكل تقليدي من قبل مشغلين منفردين، وخاصة في دول مجلس التعاون الخليجي، مترافقاً مع عدد من التحديات والصعوبات لاسيما فيما يتعلق بالموثوقية، وهو الجانب الذي تمكنت شركة تركر من إيجاد حل مناسب له من خلال الخدمات المميزة التي تقدمها.
في الحقيقة، قدمت لنا منصة تركر قصة نجاح مذهلة، تتمحور حول نجاح الأعمال الكلاسيكية وقائمة على اكتشاف المشاكل وإيجاد الحلول المناسبة لها، ثم جمع التمويل اللازم وتحقيق الأهداف المرسومة.
في الواقع، لا يتوقف نجاح الشركات الناشئة عند تركر، فهناك العديد من الشركات التي تتبنى أفضل التقنيات، وهو ما يدفعني إلى متابعة نموها عن كثب.
حين تلتقي التكنولوجيا مع الخدمات المالية، فإنها تشكل بيئةً خصبة للاستثمار. من أبرز الأمثلة على ذلك، النجاح الذي حققته كل من منصة ماركيتا الرقمية ومنصة تشايم الرقمية، باعتبارهما من أكثر المشاريع تحقيقاً للنمو خلال الجائحة.
ماركيتا هي منصة رقمية حديثة لإصدار البطاقات، تمكّن الشركات من إيجاد حلول معالجة البطاقات التي تلبي احتياجات العملاء.
بدأت هذه الشركة أعمالها عام 2009 برؤية واضحة وبسيطة لتبسيط المدفوعات للشركات، حيث تسمح المنصة بإيجاد حلول سريعة ومتطورة لعمليات الدفع بالبطاقات، بالتزامن مع ارتفاع نسبة المعاملات الرقمية القائمة على البطاقات نتيجة تفشي الجائحة، لذا أعتقد أن ماركيتا ستستمر في التقدم أكثر فأكثر وتكتسب قوة وزخم أكبر.
في غضون ذلك، يبدو أن شركة تشايم، وهي شركة تكنولوجيا مالية مركزها الولايات المتحدة، مستعدة لقلب القطاع المصرفي رأساً على عقب، حيث تعمل هذه الشركة المتطورة على أساس أن الخدمات المصرفية الأساسية يجب أن تكون مفيدة وسهلة ومجانية.
لا تفرض تشايم رسوم على السحب على المكشوف أو على الخدمة الشهرية، كما أنها لا تطلب رسوماً على الخدمة أو متطلبات الحد الأدنى للرصيد على سبيل المثال، حيث يعتمد نهجها على شراكتها مع البنوك الأمريكية الإقليمية لتصميم المنتجات المالية الأولى للأعضاء، والهدف من ذلك هو خلق سوق أكثر تنافسية للأمريكيين الذين لا يتلقون خدمات جيدة من البنوك التقليدية.
عندما نبدأ البحث عن مبتكرين إقليميين، فإن ذلك يعتمد، حسب رأيي، على ما نشهده من متغيرات في شتى المجالات، وكيف أن منطقتنا باتت تعد أرضاً خصبة لأولئك الذين لديهم الجرأة والشجاعة بما يكفي لتحقيق أحلامهم التجارية.
في نهاية المطاف، تعد دولة الإمارات العربية المتحدة مكانًا مثاليًا لمتابعة أحلامك والسعي نحو تحقيقها في قطاع الأعمال.