لو سألت أي شخص قبل بضع سنوات عن مدى معرفته بمفهوم المطعم أو المطبخ السحابي، فلربما لن تجد إجابةً واضحة حول ذلك.
أما اليوم وفي ظل الجهود الكبيرة التي تبذلها دولة الإمارات العربية المتحدة نحو ريادة هذا المفهوم الجديد في قطاع المأكولات والمشروبات، فقد باتت الصورة أوضح، لاسيما في ظل التوقعات التي تشير إلى أن القيمة السوقية العالمية للمطاعم السحابية ستصل إلى 71 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2027.
المطاعم السحابية هي مطاعم ليس لها مواقع فعلية ولا طاقم خدمة ولا توفر مكاناً لتناول الطعام أو استلام الوجبات الجاهزة. وهي مصممة للتكامل مع أطراف ثالثة للطلبات والتوصيل عبر الإنترنت أو طلبات التوصيل للمنازل التي تتم عند الطلب أو من خلال موقع ويب. في بعض الأحيان، قد يطلق عليها مطاعم الأشباح أو المطاعم الافتراضية أو مطاعم للخدمة فقط.
لقد أدى تفشي جائحة كوفيد-19 إلى ظهور العديد من الحلول التقنية لقطاع المأكولات والمشروبات الذي تأثر سلباً بالجائحة، مما يجعل الأمر أكثر تعقيداً، حتى بالنسبة لعشاق التكنولوجيا الذين يعملون في هذا القطاع لمواكبة هذه المتغيرات.
لقد رأينا كيف انضم أصحاب الأعمال بسرعة إلى تطبيقات توصيل الطعام الذكية، ومنهم من أنشأ تطبيقاته الخاصة بذلك، حيث بدأوا في بيع صناديق توصيل الطلبات إلى المنازل من الوجبات الجاهزة، والأطقم العاملة في المطابخ وصولاً إلى إعطاء دروس في كيفية إعداد المأكولات. فإذا لم تكن خبيرًا في استخدام التقنيات الرقمية قبل انتشار الجائحة، فستكون كذلك الآن.
ومع ذلك، وبما أن قطاع المأكولات والمشروبات كان يتوجب عليه التركيز بشكلٍ أكبر على تبني نموذج رقمي للأعمال، فقد أصبح من الواضح أيضًا أن نموذج المطبخ القديم ربما لم يعد يعمل بشكل جيد، فهناك مزايا تكلفة واضحة للعمل في بيئة مطبخ مشتركة.
وبينما يزداد إقبال الكثير من الناس على طلب الطعام عبر خدمة التوصيل، يردد البعض، لماذا يستثمر رواد الأعمال الملايين في مكانٍ جميل ومريح لتناول الطعام، إذا لم يعد خياراً مفضلاً للناس؟
على الصعيد الشخصي، أستمتع دائمًا بتناول الطعام في الخارج، ولكن بالنسبة لمنافذ بيع المأكولات الأصغر التي تلبي شريحة واسعة من الناس مثل: المقاهي ومنافذ بيع الساندويش، فإن مفهوم المطبخ السحابي هو الفائز بنظري.
شاهدت قبل بضع سنوات ولا زلت حتى الآن، مقطع فيديو قصير من UBS بخصوص قطاع توصيل طلبات الطعام، حيث يتوقعون أن تبلغ قيمة قطاع طلب الطعام عبر الإنترنت نحو 365 مليار دولار بحلول عام 2030، مع الإشارة إلى أنه تم إصدار التقرير قبل المتغيرات الهائلة السلبية الناجمة عن تفشي الجائحة.
في هذا الإطار، سيشهد معرض إكسبو 2020 دبي عدد هائل من الزوار القادمين من مختلف أنحاء العالم، الذين سيحتاجون إلى توصيل الطعام إليهم أينما كانوا، وبالتالي سيستفيدون بالتأكيد من مفهوم المطاعم السحابية المنتشرة في أرجاء دبي.
مؤخراً، أصبح الانتقال إلى نموذج توصيل الطعام فقط ممكنًا، من خلال التكنولوجيا المتقدمة والتغييرات التي طرأت على عادات المستهلك، إذ أن هذا النوعية من الخدمات توفر مزايا معينة مقارنةً بتقديم خدمة التوصيل من مطعم تقليدي.
يأتي مصطلح المطاعم السحابية وفق مفهوم الاقتصاد التشاركي، حيث يتم تخفيض تكاليف إعداد الطعام ووقت التسليم والتكاليف وتقليل النفقات العامة مثل: الإيجار والمرافق العامة بشكل كبير.
بدورها تحرص دولة الإمارات العربية المتحدة بسكانها المتعددي الثقافات على الاستفادة الكاملة من الشعبية المتزايدة لهذا المفهوم. وفقًا لتقرير UBS، فإنه من المرجح أن يطلب جيل الألفية الطعام ثلاث مرات أكثر من والديهم، ومع ذلك، فإن الشيء الذي ربما يذهلني أكثر هو كيف دفعت التكنولوجيا هذا التحول نحو مطابخ عملاقة ومشتركة كطريقة لخفض التكاليف بشكلٍ كبير من جهة، وتقديم ما يطلبه الناس خلال فترة قصيرة من جهةٍ أخرى.
إن المطاعم السحابية مزودة بتقنية فريدة، ومن خلال تطبيقات توصيل الطعام مثل :أوبر إيتس وزوماتو وطلبات المتوفرة على مختلف الأجهزة الذكية، يمكن لأي شخص الاستمتاع بتناول أي وجبة من مختلف الأطباق.
في السياق ذاته، تعتمد هذه التطبيقات بشكلٍ كبير على تحليل البيانات لتحديد أنواع الأطعمة التي يجب إنتاجها لمناطق محددة ضمن المدينة الواحدة، كما تركز على أوقات الذروة التي عادةً ما تشهد ارتفاع الطلب على تلك الأطعمة. فعلى سبيل المثال، قد يحظى طلب أجنحة الدجاج الحارة بإقبال كبير بين الساعة 11 مساءً و 2 صباحًا بالقرب من حرم الجامعات.
في الحقيقة، تعمل هذه البيانات على تعزيز التكيف وتطوير آلية العمل في الوقت الفعلي تقريبًا.
إذا كنت ممن يقرأ مدوناتي باستمرار، ستجد أن لدي رغبة جامحة في توقع كيف يمكن أن تسير الأمور في المستقبل، فلا أعتقد أنه سيمضي وقت طويل قبل أن تدخل تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى المطبخ السحابي بوجود روبوتات قادرة على الطهي وتحضير الطعام، بالإضافة إلى استخدام الطائرات بدون طيار والأجهزة آلية أو المركبات ذاتية القيادة التي ستقوم بتوصيل الطعام إلى باب منزلك.